وليت شعري كيف تصحّ عنه هذه المفاضلة وقد اتّخذه رسول الله له نفساً كما جاء في الذكر الحكيم ، وطهّره الجليل بآية التطهير ، وقرن بين ولايته وولاية رسوله وبين ولاية عليّ في نصّ الكتاب الكريم ، وأنزله صلىاللهعليهوآلهوسلم من نفسه منزلة هارون من موسى ، ولم يستثنِ لنفسه إلاّ النبوّة ، واتّخذه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخاً لنفسه يوم المؤاخاة المُبتنية على أساس المشاكلة في الملكات والنفسيّات؟ فكيف تتمّ هذه كلّها وفي الأُمّة من هو أولى منه؟
ولست أدري كيف كان عليّ أمير المؤمنين أحبّ الخلق إلى الله وإلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي الأُمّة من هو خير منه؟ وقد صحّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله في حديث الطير المشويّ الآتي ذكره إن شاء الله : «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك ليأكل معي». فأتاه عليّ عليهالسلام.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعائشة : «إنّ عليّا أحبّ الرجال إليّ وأكرمهم عليّ فاعرفي له حقّه وأكرمي مثواه».
وقوله : «أحبّ الناس إليّ من الرجال عليّ».
وقوله : «عليّ أحبّهم إليّ وأحبّهم إلى الله».
ولا تنس هاهنا قول عائشة : والله ما رأيت أحداً أحبّ إلى رسول الله من عليّ. ولا قول بريدة وأُبيّ : أحبّ الناس إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من النساء فاطمة ومن الرجال عليّ (١).
ثمّ ما بال الصدّيقة فاطمة تموت وهي واجدة على أبي بكر وعمر وهما خير البشر؟ ما بالها ونداؤها بعد في آذان الأُمّة المرحومة وهي باكية لاذت بقبر أبيها وتقول : «يا أبت يا رسول الله ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة؟»؟
ما بالها وقولها للخيّرين : «إنّي أُشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لأشكونّكما إليه»؟ وحديث أنينها بعد دائر سائر بين حملة التاريخ.
__________________
(١) راجع ما مرّ في : ٣ / ٢١ ـ ٢٣. (المؤلف)