أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله ، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزكاة فقبلناها ، ثمّ لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شيء منك أو أمر من عند الله؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «والله الذي لا إله إلّا هو ، إن هذا من الله». فولّى النعمان بن الحارث وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، فرماه الله بحجر على رأسه فقتله (١).
وهذا الحديث لا ينافي نزول الآية في قصّة الغدير ، لأنّ سبب النّزول لم يكن موضوع النعمان ، بل إن النعمان قد اقتبس من الآية في الدعاء على نفسه ، وهذا يشبه قولنا في الدعاء مقتبسين ذلك من القرآن (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) «وسيأتي تفصيل هذا الموضوع وما ذكرته كتب أهل السنة من أساتيد كثيرة له في ذيل الآية الأولى من سورة المعارج (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) بإذن الله».
وفي ما تقدم من الآيات نلاحظ أنّ المشركين وجّهوا إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إشكالين.
الأوّل منهما : واضح البطلان ، وهو قولهم : لو نشاء لقلنا مثل هذا. فلم يردّ عليه القرآن. بديهي أن هذا الادعاء أجوف كاذب ، لأنّهم لو استطاعوا لما توانوا عنه أبدا ولجاءوا به ، فلا حاجة إذن للردّ عليه.
والإشكال الثّاني : لو كانت هذه الآيات نازلة من قبل الله فأنزل علينا العقاب والبلاء ، فيرد عليهم القرآن في الآية الثّالثة ، من الآيات محل البحث ، بقوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ).
وفي الحقيقة أنّ وجودك ـ يا رسول الله ـ الذي هو رحمة للعالمين ، يمنع من
__________________
(١) راجع مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٣٥٢ وتفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ١٥١.