والتوجه والضراعة نحو الله ، إذ يعدّ الاستغفار والتوبة ممّا يدفع به العذاب.
فإذا انعدم الاستغفار فإنّ المجتمعات البشرية ستفقد الأمن من عذاب الله لما اقترفته من الذنوب والمعاصي.
وهذا العذاب أو العقاب قد يأتي في صورة الحوادث الطبيعية المؤلمة ، كالسيل مثلا ، أو الحروب المدمّرة ، أو في صور أخرى ، وقد جاء في دعاء كميل بن زياد عن الإمام على عليهالسلام قوله «اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء».
فهذا التّعبير يدل على أنّه لو لا الاستغفار فإنّ كثيرا من الذنوب قد تكون سببا في البلاء والكوارث.
وينبغي التذكير بهذه اللطيفة ، وهي أنّ الاستغفار لا يعني تكرار ألفاظ معينة ، كأن يقول المرء «اللهم اغفر لي» بل المراد منه روح الاستغفار الذي هو حالة العودة نحو الحق والتهيؤ لتلافي ما مضى من العبد قبال ربّه.
والآية التّالية : تقول : إنّ هؤلاء حقيقون بعذاب الله (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ).
وهذا التعبير في الآية يشير إلى يوم كان المسلمون في مكّة ، ولم يكن لهم الحق أن يقيموا صلاة الجماعة بتمام الحرية ، والاطمئنان عند المسجد الحرام ، إذ كانوا يتعرضون للإيذاء والتعذيب.
أو أنّ هذا التعبير يشير إلى منع المشركين المسلمين وصدهم إياهم بعد أدائهم مناسك الحج والعمرة ، فلم يأذنوا لهم بالتردد إلى المسجد الحرام.
والعجيب أنّ هؤلاء المشركين كانوا يتصورون أنّ لهم حق التصرف كيفما شاءوا في المسجد الحرام ، وأنّهم أولياؤه. إلّا أنّ القرآن يضيف في هذه الآية قائلا : (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) وبالرغم من زعمهم أنّهم أولياؤه ف (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
ومع أنّ هذا الحكم ورد في شأن المسجد الحرام ، إلّا أنّه يشمل جميع المراكز