على «إرسال» و «إمساك» الرحمة ، وفي عين الحال إشارة إلى أنّ الفتح والإغلاق في أيّ وقت شاء تعالى إنّما هو على أساس الحكمة ، لأنّ قدرة الباري وحكمته مقرونتان.
وعلى كلّ حال فإنّ الانتفاع من محتوى هذه الآية ، يمنح الإنسان المؤمن هدوءا وسكينة ، ويجعله مقاوما لكلّ أنواع الحوادث ، ولا يخاف من المشاكل ، ويبعده عن الغرور في حال النجاح والفوز.
وتشير الآية التالية إلى «توحيد العبادة» على أساس «توحيد الخالقية والرازقية» فتقول الآية الكريمة : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ).
فكّروا مليا ما هو منشأ كلّ هذه المواهب والبركات والإمكانيات الحياتية التي قيّضت لكم .. (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ). فمن الذي يرسل عليكم من الشمس نورها الذي ينشر الحياة ، وحبّات المطر التي تحيي الموات ، والنسيم الذي ينعش الروح؟ ومن الذي يخرج لكم من الأرض معادنها وذخائرها وغذاءها وأنواع نباتاتها وثمارها وبركاتها الأخرى؟
فإذا علمتم أنّ مصدر كلّ هذه البركات هو الله ، فاعلموا أنّ : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
وعليه فكيف تنحرفون عن طريق الحقّ إلى الباطل ، وتسجدون للأصنام بدلا من السجود لله سبحانه؟ (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ).
«تؤفكون» : من مادّة «إفك» ، بمعنى «كلّ مصروف عن وجهه الذي يحقّ أن يكون عليه» ولذا قيل لكلّ حديث ينصرف عن الصدق في المقال إلى الكذب «إفك» وإن كان البعض يرى أنّ هذه الكلمة تطلق على الكذب الفاحش والتهمة الشنيعة.
* * *