(أنطاكية) تعتبر بالنسبة إلى النصارى كالمدينة المنورة للمسلمين ، المدينة الثانية في الأهمية بعد بيت المقدس ، التي ابتدأ المسيح عليهالسلام منها دعوته ، ثمّ هاجر بعض من آمن بالمسيح عليهالسلام ـ بولس وبرنابا ـ (١) إلى أنطاكية ودعوا الناس هناك إلى المسيحية ، وبذا انتشرت المسيحية هناك ، وبهذا اللحاظ أشار القرآن الكريم إلى هذه المدينة لأهميّتها (٢).
«الطبرسي» ـ أعلى الله مقامه ـ في تفسير مجمع البيان يقول : قالوا بعث عيسى رسولين من الحواريين إلى مدينة أنطاكية ، فلمّا قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو (حبيب) صاحب (يس) فسلّما عليه.
فقال الشيخ لهما : من أنتما؟
قالا : رسولا عيسى ، ندعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن.
فقال : أمعكما آية؟
قالا : نعم ، نحن نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله.
فقال الشيخ : إنّ لي ابنا مريضا صاحب فراش منذ سنين.
قالا : فانطلق بنا إلى منزلك نتطلّع حاله ، فذهب بهما فمسحا ابنه فقام في الوقت بإذن الله صحيحا ، ففشا الخبر في المدينة وشفى الله على أيديهما كثيرا من المرضى.
وكان لهم ملك يعبد الأصنام فانتهى الخبر إليه ، فدعاهما فقال لهما : من أنتما؟
قالا : رسولا عيسى ، جئنا ندعوك من عبادة ما لا يسمع ولا يبصر إلى عبادة من يسمع ويبصر.
فقال الملك : ولنا إله سوى آلهتنا؟
__________________
(١) «بولس» من المبلّغين المسيحيين المعروفين الذي سعى كثيرا في نشر الديانة المسيحية. «برنابا» ـ بفتح الباء ـ اسمه الأصلي «يوسف» كان من أصدقاء بولس ومرقس ، له إنجيل معروف ذكر فيه كثيرا البشارة بظهور نبي الإسلام ، ولكن المسيحيين لا يعتقدون بصحّته ويقولون انّ هذا الإنجيل قد كتبه أحد المسلمين.
(٢) تفسير «أبو الفتوح الرازي» وهامش العالم المرحوم «الشعراني».