قليلا.
وأمّا ما ورد من ذكر الاثنتين بصيغة الجمع ، فيبدو أنّه إشارة إلى الأنواع المختلفة لكلّ منهما ، إذ أنّ كلا منهما لها عشرات الأنواع تختلف في أشكالها وخصائصها ومذاقها.
والجدير بالملاحظة ـ أيضا ـ أنّ الحديث في هذه الآية تعرّض إلى إحياء الأرض الميتة دون أن يقرن ذلك بذكر المطر الذي عادة ما يذكر في مثل هذه المواضع ، وورد الحديث هنا عن «العيون» ، وذلك لأنّ المطر كاف لزراعة الكثير من المحاصيل والنباتات ، في حين أنّ الأشجار المثمرة تحتاج إلى الماء الجاري أيضا.
«فجّرنا» من مادّة «تفجير» وهو شقّ الشيء شقّا واسعا ، ومن هنا استخدمت الكلمة للتعبير عن العيون ، لأنّها تشقّ الأرض وتدفع ماءها إلى سطح الأرض (١).
الآية التالية تشرح وتوضّح الهدف من خلق تلك الأشجار المباركة المثمرة فتقول : إنّ الغرض من خلقها لكي يأكلوا من ثمارها دون حاجة إلى بذل جهد في ذلك ودون تدخّل الإنسان في صناعتها .. (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ).
نعم ، ثمار على شكل غذاء كامل تظهر على أغصان أشجارها ، قابلة للأكل بمجرّد جنيها من أغصانها ، ولا تحتاج إلى طبخ أو أيّة تغييرات اخرى ، ذلك إشارة إلى غاية لطف الله بهذا الإنسان وكرمه.
حتّى أنّ ذلك الطعام الجاهز اللذيذ ، يمكن تجميعه وتعليبه لكي يحفظ لمدّة طويلة بدون أن ينقص من قيمته الغذائية شيء ، على خلاف الأغذية التي يصنعها الإنسان من المواد الطبيعية التي أعطاها الله له ، فهي غالبا ما تكون سريعة التلف
__________________
(١) من الجدير بالملاحظة أنّ الصيغة الثلاثية المجردة لها «فجر» بمعنى (الشقّ) وهنا استخدمت على وزن «تفعيل» بمعنى التكثير والتشديد.