للمفسّرين أقوال عديدة حول ما هو معنى قوله : (ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) و (ما خَلْفَكُمْ) منها : أنّ المقصود بـ «ما بين أيديكم» العقوبات الدنيوية التي أوردت الآيات السابقة نماذج منها ، والمقصود بـ «ما خلفكم» عقوبات الآخرة ، وكأنّه يراد القول بأنّها خلفهم ولم تأت إليهم وسوف تصل إليهم في يوم ما وتحيط بهم ، والمقصود بـ «التقوى» من هذه العقوبات ، هو عدم إيجاد العوامل التي تؤدّي إلى وقوع هذه العقوبات ، والدليل على ذلك أنّ التعبير بـ «اتّقوا» يرد في القرآن إمّا عند ذكر الله سبحانه وتعالى أو عند ذكر يوم القيامة والعقوبات الإلهيّة ، وهذان الذكران وجهان لحقيقة واحدة ، إذن أنّ الاتّقاء من الله هو اتّقاء من عقوباته.
وذلك دليل على أنّ الآية تشير إلى الاتقاء من عذاب الله ومجازاته في الدنيا وفي الآخرة.
ومن هذه التّفسيرات أيضا عكس ما ورد في التّفسير الأوّل ، وهو أنّ «ما بين أيديكم» تعني عقوبات الآخرة و «ما خلفكم» تعني عذاب الدنيا ، لأنّ الآخرة أمامنا (وهذا التّفسير لا يختلف كثيرا عن الأوّل من حيث النتائج).
وذهب آخرون إلى أنّ المقصود من «بين أيديكم» الذنوب التي ارتكبت سابقا ، فتكون التقوى منها بالتوبة وجبران ما تلف بواسطتها ، و «ما خلفكم» الذنوب التي سترتكب لا حقا.
والبعض يرى بأنّ «بين أيديهم» الذنوب الظاهرة ، و «ما خلفكم» الذنوب الباطنة والخفيّة.
وقال البعض الآخر : «ما بين أيديكم» إشارة إلى أنواع العذاب في الدنيا ، و «ما خلفكم» إشارة إلى الموت (والحال أنّ الموت ليس ممّا يتّقى منه!!).
والبعض ـ كصاحب تفسير «في ظلال القرآن» ـ اعتبر هذين التعبيرين كناية عن إحاطة موجبات الغضب والعذاب الإلهي التي تحيط بالكافر من كلّ جانب.
و «الآلوسي» في «روح المعاني» و «الفخر الرازي» في «التّفسير الكبير» كلّ