حياؤه ، ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه ، ومن قلّ ورعه مات قلبه» (١).
ومن جهة اخرى فإنّ القرآن الكريم يشخّص للإنسان نوعا خاصّا من الإبصار والسماع والإدراك والشعور ، غير النظر والسماع والشعور الظاهري ، ففي الآية (١٧١) من سورة البقرة نقرأ : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ).
وفي موضع آخر يقول تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً). (٢)
كذلك يقول سبحانه : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً). (٣)
وحول مجموعة من الكافرين يعبّر تعبيرا خاصا فيقول تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ). (٤)
وفي موضع أخر يقول تعالى : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ). (٥)
من مجموع هذه التعبيرات وتعبيرات كثيرة اخرى شبيهة لها يظهر بوضوح أنّ القرآن يعدّ محور الحياة والموت ، هو ذلك المحور الإنساني والعقلاني ، إذ أنّ قيمة الإنسان تكمن في هذا المحور.
وفي الحقيقة فإنّ الحياة والإدراك والإبصار والسماع وأمثالها ، تتلخّص في هذا القسم من وجود الإنسان ، وإن اعتبر بعض المفسّرين هذه التعبيرات مجازية ، إذ أنّ ذلك لا ينسجم مع روح القرآن هنا ، لأنّ الحقيقة في نظر القرآن هي هذه التي يذكرها ، والحياة والموت الحيوانيان هما المجازيان لا غير.
إنّ أسباب الموت والحياة الروحية كثيرة جدّا ، ولكن القدر المسلّم به هو أنّ النفاق والكبر والغرور والعصبية والجهل والكبائر ، كلّها تميت القلب ، ففي مناجاة
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار كلمة ٣٤٥.
(٢) البقرة ـ ١٠.
(٣) البقرة ، ٧٤.
(٤) المائدة ، ٤١.
(٥) الأنعام ، ٣٦.