شخصيّة الإنسان بروحه فإنّ هذا الجسد يعدّ جسده.
في حال أنّ المحقّقين يعتقدون بأنّ هذا الجسد الذي يصبح ترابا ويتلاشى ، يتلبّس بالحياة مرّة اخرى بأمر الله الذي يجمعه ويكسوه بالحياة ، هذه العقيدة نابعة من متون الآيات القرآنية الكريمة.
إنّ الشواهد على المعاد الجسماني في الآيات القرآنية الكريمة كثيرة جدّا ، بحيث يمكن القول قطعا بأنّ الذين يعتقدون باقتصار المعاد على المعاد الروحي فقط لا يملكون أدنى اطّلاع على الآيات العديدة التي تبحث في موضوع المعاد ، وإلّا فإنّ جسمانية المعاد واضحة في الآيات القرآنية إلى درجة تنفي أدنى شكّ في هذه المسألة.
فهذه الآيات التي قرأناها في آخر سورة يس ، توضّح هذه الحقيقة حيث حينما تساءل الإنسان : (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) أجابه القرآن بصراحة ووضوح : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ).
إنّ كلّ تعجّب المشركين والمخالفين لمسألة المعاد هو هذه القضيّة ، وهي كيف يمكن إحياؤنا بعد الموت وبعد أن نصبح ترابا متناثرا وضائعا في هذه الأرض؟ (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ). (١)
إنّهم يقولون : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) (٢). وتعجّبوا من هذه المسألة إلى درجة أنّهم اعتبروا إظهارها دليلا على الجنون أو الكذب على الله (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ). (٣)
لهذا السبب فإنّ استدلالات القرآن الكريم حول إمكانية المعاد عموما تدور
__________________
(١) السجدة ، ١٠.
(٢) المؤمنون ، ٣٥.
(٣) سورة سبأ ، ٧.