على الرسل (١).
وممّا يلفت النظر أنّ «الصافات» هي جمع كلمة «صافّة» وهي بدورها تحمل صفة الجمع أيضا ، وتشير إلى مجموعة مصطفّة ، إذن فـ «الصافات» تعني الصفوف المتعدّدة (٢).
وأمّا كلمة «الزاجرات» فإنّها مأخوذة من (الزجر) ويعني الصرف عن الشيء بالتخويف والصراخ ، وبمعنى أوسع فإنّها تشمل كلّ منع وطرد وزجر للآخرين.
إذن فالزاجرات تعني مجاميع مهمّتها نهي وصرف وزجر الآخرين.
و «التاليات» من (التلاوة) وهي جمع كلمة (تال) وتعني طوائف مهمّتها تلاوة شيء ما (٣).
ونظرا لكثرة واتّساع مفاهيم هذه الألفاظ ، فليس من العجب أن يطرح المفسّرون تفاسير مختلفة لها دون أن يناقض بعضها الآخر ، بل من الممكن أيضا أن تجتمع لتوضيح مفهوم هذه الآيات ، فمثلا المقصود من كلمة «الصافات» هو صفوف الملائكة المستعدّة لتنفيذ الأوامر الإلهيّة ، في عالم الخلق ، أو الملائكة النازلون بالوحي إلى الأنبياء في عالم التشريع ، وكذلك صفوف المقاتلين
__________________
(١) بالطبع وردت احتمالات اخرى في تفسير الآيات المذكورة أعلاه ، «منها» ما يشير إلى صفوف جند الإسلام في ساحات الجهاد ، الذين يصرخون بالأعداء ويزجرونهم عن الاعتداء على حرمة الإسلام والقرآن ، والذين يتلون كتاب الله دائما ومن دون أي انقطاع ، وينوّرون قلوبهم وأرواحهم بنور تلاوته ، ومنها : أنّ بعض هذه الأوصاف الثلاثة هو إشارة إلى ملائكة اصطفّت بصفوف منظمة ، والقسم الآخر يشير إلى آيات القرآن التي تنهى الناس عن ارتكاب القبائح ، والقسم الثالث يشير إلى المؤمنين الذين يتلون القرآن في أوقات الصلاة وفي غيرها من الأوقات. ويستبعد الفصل بين هذه الأوصاف ، لأنّها معطوفة على بعضها البعض بحرف (الفاء) ، وهذا يوضّح أنّها أوصاف لطائفة واحدة. وقد ذكر العلّامة «الطباطبائي» في تفسيره الميزان هذا الاحتمال ، في أنّ الأوصاف الثلاثة هي تطلق على ملائكة مكلّفة بتبليغ الوحي الإلهي ، والاصطفاف في طريق الوحي لتوديعه ، وزجر الشياطين التي تقف في طريقه ، وفي النهاية تلاوة آيات الله على الأنبياء.
(٢) ولا ضير في التعبير عن الملائكة بلفظ الإناث «الصافات والزاجرات والتاليات» لأنّ موصوفها الجماعة ، وهي مؤنّث لفظي.
(٣) ممّا يذكر أنّ بعض اللغويين قالوا بأنّ جمع كلمة (تال) هو (تاليات) وجمع (تالية) (توال).