إلّا أنّ هؤلاء غفلوا عن هذه الحقيقة ، وهي أنّ حساب الله لا علاقة له بالعباد ، فالله تعالى ـ من أجل توجيه الإنسان ـ يقسم بآيات «الآفاق» و «الأنفس» ودلائل قدرته في الأرض والسماء ، وذلك لكي يتفكّر الإنسان بتلك الآيات ، وعن طريقها يعرف ربّه.
وجدير بالذكر أنّ بعض آيات القرآن المجيد ، ومنها آيات سورة الشمس تقسم بموجودات الكون إلى جانب القسم بذات الله المقدّسة ، إذن فالتقدير هنا غير سديد ، إذ يقول القرآن الكريم : (وَالسَّماءِ وَما بَناها وَالْأَرْضِ وَما طَحاها وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) (١).
على أيّة حال ، فإنّ ظاهر الآيات ـ محلّ البحث ـ يدلّ على أنّ المجموعات الثلاث هي المقسم بها ، وتقدير الشيء هنا خلاف للظاهر ، ولا يمكن قبوله بغير دليل.
الآن نرى ما هو المراد من هذه الأقسام المفعمة بالمعاني ، أي القسم بالملائكة والإنس؟
الآية التالية توضّح ذلك وتقول : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ).
قسم بتلك المقدّسات التي ذكرناها فإنّ الأصنام ستزول وتدمّر ، وإنّه ليس هناك من شريك ولا شبيه ولا نظير لله سبحانه وتعالى.
ثمّ يضيف (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ).
وهنا نطرح سؤالين :
١ ـ ما هي الضرورة لذكر «المشارق» بعد ذكر السماوات والأرض وما بينهما ، رغم أنّ المشارق هي جزء منهما.
ويتّضح الجواب من خلال الالتفات إلى هذه النقطة وهي : إنّ المراد من «المشارق» هو الإشارة إلى مواقع شروق الشمس في أيّام السنة ، أو إلى مشارق
__________________
(١) سورة الشمس ، الآيات ٥ ـ ٧.