وبهذا يكون هناك مانعان يحوّلان دون نفوذ الشياطين إلى السماء العليا :
الأوّل ، هو رشق الشياطين من كلّ جانب وطردهم ، والذي يتمّ على الظاهر بواسطة الشهب.
والثاني ، هو رشقهم بواسطة أنواع خاصّة من الشهب يطلق عليها اسم الشهاب الثاقب ، الذي يكون بانتظار كلّ شيطان يحاول التسلّل إلى الملأ الأعلى لاستراق السمع ، وهذا المعنى نجده أيضا في الآيتين (١٧) و (١٨) من سورة الحجر (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ).
وفي الآية الخامسة من سورة الملك (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ).
ولكن هل يجب الالتزام بظواهر هذه الآيات؟ أم أنّ هناك قرائن تجبرنا على تفسيرها بخلاف الظاهر ، كاستخدام الأمثال والتشبيه والكناية؟
هناك وجهات نظر مختلفة بين المفسّرين ، فالبعض منهم التزم بظاهر الآيات وبنفس المعاني التي استعرضت في بداية الأمر ، وقالوا : هناك طوائف من الملائكة تسكن السماء القريبة والبعيدة تعرف أخبار الحوادث التي ستقع في العالم الأرضي قبل وقوعها ، لذا تحاول مجموعة من الشياطين الصعود إلى السماء لاستراق السمع ومعرفة بعض الأخبار ، لكي تنقلها إلى عملائها في الأرض أي الذين يرتبطون بها ويعيشون بين الناس ، ولكن ما أن يحاولون الصعود يرشقون بالشهب التي تتّصف بأنّها كالنجوم المتحرّكة ، فتجبرهم على التراجع ، أو تصيبهم فتهلكهم.
ويقولون : من الممكن أن لا نفهم بصورة دقيقة ما تعنيه هذه الآيات في الوقت الحاضر ، إلّا أنّنا مكلّفون بحفظ ظواهرها ، وترك تفاصيلها للمستقبل.
وقد اختار هذا التّفسير العلّامة «الطبرسي» في (مجمع البيان) و «الآلوسي» في (روح المعاني) و «سيّد قطب» في (الظلال) ، إضافة إلى عدد آخر من المفسّرين.
في حين يرى البعض الآخر أنّ الآيات المذكورة إنّما هي من قبيل الأمثال