والأرض والملائكة. إلّا أنّ القرآن الكريم أجابهم بالقول : إنّ خلق الإنسان مقابل خلق الأرض والسماء والملائكة الموجودة في هذه العوالم ، يعدّ لا شيء ، لأنّ أصل الإنسان يعود إلى حفنة من التراب اللزج.
«استفتهم» من مادّة «استفتاء» وتعني الحصول على معلومات جديدة.
وهذا التعبير إشارة إلى أنّ المشركين لو كانوا صادقين في أنّ خلقهم أهمّ وأصعب من خلق السماوات والملائكة ، فإنّهم قد جاؤوا بموضوع جديد لم يطرح مثله من قبل.
«لازب» يقول البعض : إنّ أصلها كان (لازم) ، حيث استبدلت (الميم) (باء) وحاليا تستعمل بهذه الصورة ، على أيّة حال فهي تعني الطين المتلازم بعضه ببعض ، يعني الملتصق لأنّ أصل الإنسان كان من التراب الذي خلط بالماء ، وبعد فترة أضحى طينا متجمعا ذا رائحة نتنة ، ثمّ تحول إلى طين متماسك (وهذه الصورة هي جمع لحالات متعدّدة مذكورة في عدّة آيات في القرآن المجيد).
ثمّ يضيف القرآن الكريم : (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ).
نعم أنت تتعجّب لإنكارهم بالمعاد ، لأنّك بقلبك الطاهر ترى المسألة واضحة جدّا ، وأمّا أصحاب القلوب السوداء فيعبدونها مستحيلة إلى حدّ أنّهم يستهزئون بها وينكرونها.
وما يمكن وراء تلك التصرفات القبيحة ليس هو الجهل ـ فقط ـ وعدم المعرفة ، بل إنّها اللجاجة والعناد ، إذ أنّهم كلّما ذكروا بدلائل المعاد والعقوبات الإلهيّة لا يتذكّرون (وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ).
والأنكى من ذلك ، أنّهم كلّما شاهدوا معجزة من معجزاتك ، لا يكتفون بالاستهزاء ، وإنّما يدعون الآخرين للاستهزاء أيضا (وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ).
(وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ).
قولهم «هذا» المقصود منه تحقير المعجزات والآيات الإلهية والانتقاص منها ،