هذا في الآخرة ، فنزلت آيات قرآنية قاطعة وحازمة تردّ على أبي جهل وبقيّة المشركين سنتطرّق إليها فيما بعد.
على كلّ حال فإنّ كلمة (شجرة) لا تأتي دائما بمعناها المعروف ، وإنّما تعني في بعض الأحيان (النبات) والقرائن هنا تشير إلى أنّ المراد من الشجرة هو المعنى الثاني أي (النبات).
ثمّ يستعرض القرآن الكريم بعض خصائص هذه النبتة ، ويقول : (إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ).
ولفظة (فتنة) تعني المحنّة والعذاب ، كما تعني الامتحان ، وغالبا ما جاء هذا المعنى في موارد متعدّدة من سور القرآن المجيد ، وهو إشارة إلى أنّ المشركين عند ما سمعوا كلمة (الزقّوم) عمدوا إلى السخرية والاستهزاء ، فيما كان هذا الأمر امتحانا لأولئك الطغاة.
ويضيف القرآن الحكيم (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ).
ولكن الظالمين المغرورين يواصلون استهزاءهم ، ويقولون : كيف يمكن لنبات أو شجرة ينبت في قعر جهنّم؟ فأين النار وأين الشجر والنبات؟ وتبعا لذلك فإنّ سماع اسم هذا النبات وأوصافه هو اختبار دنيوي لهم ، وسيكون سببا لعذابهم ومحنتهم في الآخرة.
وكأنّهم كانوا غافلين عن أنّ الأصول التي تحكم في ذلك العالم ـ أي الآخرة ـ تختلف كثيرا عن الأصول الحاكمة في العالم الدنيوي ، فالأشجار والنباتات التي تنبت في قعر جهنّم ، وتنمو في ذلك الظرف ويكون لونها بلون النار ، ليست كالأشجار والنباتات النابتة في حدائق وبساتين هذا العالم ، ويحتمل عدم جهلهم بهذا الأمر ، بل هدفهم الاستهزاء والسخرية فقط.
ثمّ يضيف القرآن الكريم (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ).
(الطلع) يقال لأوّل ما يبدو من حمل النخلة ، وله قشر أخضر اللون ، وفي داخله