الذين أرسلهم إلى تلك الأقوام مع القلّة القليلة ممّن اتّبعهم.
إلّا أنّ قضيّة نبي الله يونس تنتهي أحداثها بشكل معاكس لما انتهت إليه تلك القصص ، إذ أنّ قوم يونس صحوا من غفلتهم وتابوا إلى الله فور مشاهدتهم دلائل العذاب الإلهي الذي سيحلّ لهم إن لم يؤمنوا ، وأنّ الله شملهم بلطفه وأنزل عليهم بركاته الماديّة والمعنوية ، وفي المقابل فإنّ نبي الله يونس ابتلي ببعض الابتلاءات والمشاكل لأنّه تعجّل في ترك قومه وهجره إيّاهم ، حتّى أنّ القرآن المجيد أطلق عليه كلمة (أبق) والتي تعني هرب العبد من مولاه!
وهذه القصّة بمثابة خطاب موجّه لمشركي قريش ، وإلى كلّ البشر على طول التأريخ ، جاء فيه : هل تريدون أن تكونوا كالأقوام الخمسة الماضية ، أم كقوم يونس؟ وهل ترغبون في أن تكون عاقبتكم الشؤم والألم؟ أما ترغبون في أن تنتهي عواقبكم بخير وسعادة؟ اعلموا أنّ ذلك مرتبط بما تعزمون عليه.
على أيّة حال ، فإنّ ذكر هذا النّبي العظيم وقصّته مع قومه ، وردت في سور متعدّدة من سور القرآن المجيد (منها سورة الأنبياء ، ويونس ، والقلم ، وفي هذه السورة أي الصافات) وعكست كلّ واحدة منها جوانب من أوضاعه وحياته ، وسورة «الصافات» هذه تسلّط الأضواء أكثر على قضيّة هرب يونس وابتلاءه ، ومن ثمّ نجاته من بطن الحوت.
في البداية ، وكما تعوّدنا في القصص السابقة ، فإنّ الحديث يكون عن مقام رسالته ، إذ تقول الآية : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
نبي الله «يونس» عليهالسلام كسائر الأنبياء العظام بدأ بالدعوة إلى توحيد الله ومجاهدة عبدة الأصنام ، ومن ثمّ محاربة الأوضاع الفاسدة التي كانت منتشرة في مجتمعه آنذاك ، إلّا أنّ قومه المتعصّبين الذين كانوا يقلّدون أجدادهم الأوائل رفضوا الاستجابة لدعوته.
استمرّ يونس عليهالسلام بوعظ قومه بقلب حزين لأجلهم ، مريدا لهم الخير وكأنّه أب