واغدقت عليهم النعم الإلهية المادية والمعنوية لمدّة معيّنة ، (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ).
وبالطبع فإنّهم بعد توبتهم كانوا يتمتّعون بإيمان بسيط ، وقد إزداد بعد عودة يونس إليهم ، أي إزداد إيمانهم بالله وبرسوله يونس ، وأخذوا ينفّذون تعليماته وأوامره.
ويتبيّن من آيات القرآن الكريم أنّ يونس عليهالسلام بعث من جديد إلى قومه السابقين ، أمّا الذين قالوا : إنّه بعث إلى قوم آخرين ، فقولهم لا يتناسب مع ظاهر الآيات.
لأنّنا نقرأ من جهة قوله تعالى : (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) يعني أنّ القوم الذين بعثنا إليهم يونس كانوا قوما مؤمنين ، وأنّنا قد أغدقنا عليهم النعم لمدّة محدودة.
ومن جهة اخرى ، فقد ورد نفس هذا التعبير في سورة يونس بشأن قومه السابقين ، وذلك في الآية (٩٨) (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ).
ومن هنا يتّضح أنّ المراد من (إِلى حِينٍ) هو لفترة معيّنة ، أي إلى نهاية حياتهم وحلول أجلهم الطبيعي.
سؤال يطرح نفسه : لماذا قالت الآية المذكورة أعلاه : (مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)؟ وما المقصود من يزيدون أي عدد بعد المائة ألف؟ المفسّرون أعطوا تفسيرات مختلفة لها ، ولكن الظاهر أنّ مثل هذه العبارات تأتي لتأكيد شيء ما ، وإعطائه هالة من العظمة ، وليس لخلق حالة من الترديد والشكّ (١).
* * *
__________________
(١) لهذا فإنّ (أو) هنا تأتي بمعنى ، (بل).