والطهارة ، واستدلال القرآن هنا إنّما يأتي من باب (ذكر مسلّمات الخصم) ومن ثمّ ردّها عليه. وشبيه هذا المعنى ورد في سور اخرى من سور القرآن ، ومنها ما جاء في الآية (٢١ و ٢٢) من سورة النجم (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى)!.
ثمّ ينتقل الحديث إلى عرض دليل حسّي على المسألة هذه ، وبشكل استفهام استنكاري ، قال تعالى : (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ).
ومن دون أي شكّ فإنّ جوابهم في هذا المجال سلبي ، إذ لم يستطع أحدا منهم الادّعاء بأنّه كان موجودا أثناء خلق الملائكة.
مرّة اخرى يطرح القرآن الدليل العقلي المقتبس من مسلّماتهم الذهنية ويقول : (أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ. وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ).
هل تدركون ما تقولون وكيف تحكمون : (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)؟
ألم يحن الوقت الذي تتركون فيه هذه الخرافات والأوهام القبيحة والتافهة؟
(أَفَلا تَذَكَّرُونَ)؟
إذن أنّ هذا الكلام باطل من الأساس بحيث لو أنّ أي إنسان له ذرّة من عقل ودراية ، ويتفكّر في الأمر جيّدا ، لأدرك بطلان هذه المزاعم.
بعد إثبات بطلان ادّعاءاتهم الخرافية بدليل تجريبي وآخر عقلي ، ننتقل إلى الدليل الثالث وهو الدليل النقلي ، حيث يقول القرآن الكريم مخاطبا إيّاهم : لو كان ما تزعمونه صحيحا لذكرته الكتب السابقة ، فهل يوجد لديكم دليل واضح عليه ، (أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ).
وإذا كنتم صادقين في قولكم فأتوا بذلك الكتاب (فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
هذا الادّعاء في أي كتاب موجود؟ وفي أي وحي مذكور؟ وعلى أي رسول نزل؟