«سائغ» : الماء الذي يستمرأ بسهولة لعذوبته ، على عكس الماء المالح ـ أو الأجاج ـ وهو الماء المرّ الذي يمجّه الإنسان.
٢ ـ بعض المفسّرين قالوا بأنّ هذه الآية مثال للفرق بين المؤمن والكافر ، ولكن الآيات السابقة واللاحقة لها ، والتي تتحدّث عن الخلقة ، وحتّى نفس هذه الآية ، شاهدة على حقيقة أنّ هذه الجملة أيضا تبحث في أسرار التوحيد ، وتشير إلى تنوّع المياه وآثارها المتفاوتة وفوائدها المشتركة.
٣ ـ ذكرت الآية ثلاث فوائد من فوائد البحار الكثيرة وهي : المواد الغذائية ، ووسائل الزينة ، ومسألة الحمل والنقل.
ونعلم بأنّ البحر يشكّل منبعا مهمّا من المنابع الغذائية للبشر ، وكلّ عام يستخرج منه ملايين الأطنان من اللحوم الطازجة ، بدون أن يتحمّل الإنسان في سبيل ذلك تعبا أو مشقّة ، فإنّ نظام التوازن في الطبيعة يشتمل على برنامج دقيق محسوب بحيث يستطيع الناس الإفادة من تلك المائدة الإلهيّة بدون اعتراض وبأقل زحمة ومشقّة.
كذلك يستخرج من البحار أيضا وسائل الزينة المختلفة من أمثال (اللؤلؤ ـ والمرجان ـ والصدف ـ والدرّ) ، وتركيز القرآن على ذكر هذه المسألة لأنّ روح الإنسان تختلف عن الحيوان باحتوائها على أبعاد مختلفة منها «الحسّ الجمالي» الذي هو منبع ظهور جميع المسائل الذوقية والفنيّة والأدبية التي يؤدّي إشباعها بصورة صحيحة بعيدا عن الإفراط والتفريط والإسراف والتبذير إلى إشاعة السرور في النفس ، وإعطاء الإنسان النشاط والهدوء ، وتساعد الإنسان على إنجاز أعمال الحياة الشاقّة.
وأمّا مسألة الحمل والنقل والتي تعدّ واحدة من أهم أسس التمدّن الإنساني والحياة الاجتماعية ، فمع ملاحظة أنّ البحار تشكّل القسم الأعظم من الكرة الأرضية وأنّها مرتبطة مع بعضها ، فإنّها تستطيع أن تقدّم للإنسان أهمّ الخدمات