قد أخرج أوريّا في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدّم أوريّا أمام التابوت فقدّم فظفر أوريّا بالمشركين فصعب ذلك على داود ، فكتب إليه ثانية أن قدّمه أمام التابوت فقدّم فقتل أوريّا وتزوج داود بامرأته.
قال : فضرب الرضا عليهالسلام يده على جبهته وقال : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، لقد نسبتم نبيّا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتّى خرج في أثر الطير ثمّ بالفاحشة ، ثمّ بالقتل».
فقال : يا ابن رسول الله ، ما كانت خطيئته؟
فقال : «ويحك إنّ داود عليهالسلام إنّما ظنّ أنّه ما خلق الله خلقا هو أعلم منه ، فبعث الله عزوجل إليه الملكين فتسوّرا المحراب فقال : (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ ، إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) فعجّل داود على المدّعى عليه فقال : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ) ولم يسأل المدّعي البيّنة على ذلك ، ولم يقبل على المدّعى عليه فيقول له : ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع الله عزوجل يقول : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) إلى آخر الآية.
فقال : يا ابن رسول الله ، فما قصّته مع أوريّا؟
قال الرضا عليهالسلام : «إنّ المرأة في أيّام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوّج بعده أبدا ، فأوّل من أباح الله عزوجل له أن يتزوّج بامرأة قتل بعلها داود عليهالسلام فتزوّج بامرأة أوريّا لمّا قتل وانقضت عدّتها ، فذلك الذي شقّ على الناس من قتل أوريّا» (١).
يستفاد من هذا الحديث أنّ مسألة أوريّا كانت لها جذور حقيقيّة بسيطة ، وأنّ داود نفّذ ما جاء في الرسالة الإلهيّة ، إلّا أنّ أعداء الله من جهة ، والجهلة من جهة
__________________
(١) عيون الأخبار طبق ما نقله نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٤٥.