أقوياء يوما بعد آخر.
فعلماء اليوم قالوا بشأن فلسفة وجود الميكروبات : لو لا وجود هذه الميكروبات لكان جسم الإنسان ضعيفا عديم الإحساس ، ويحتمل أيضا توقّف نمو الإنسان بسرعة بحيث لا يتجاوز طوله الثمانين سنتيمترا ، ولكان جميع البشر على شكل أقزام صغار ، وبهذا الشكل فإنّ مبارزة جسم الإنسان للميكروبات المهاجمة تعطيه قوّة وقدرة على النمو.
وكذلك الحال بالنسبة إلى روح الإنسان في جهادها ضدّ الشيطان وهوى النفس.
وهذا لا يعني أنّ الشيطان مكلّف بإغواء عباد الله ، فالشيطان كان طاهرا في بداية خلقه ، كبقيّة الموجودات ، ولكن الانحراف والانحطاط والتعاسة التي أصيب بها إنّما كان برغبته وإرادته ، وبهذا فإنّ البارئ عزوجل لم يخلق إبليس منذ اليوم الأوّل شيطانا ، وإنّما إبليس هو الذي أراد أن يكون شيطانا ، وفي نفس الوقت فإنّ ممارساته الشيطانية لا تجلب الضرر لعباد الله المخلصين إطلاقا ، بل قد تكون سلّما لرقيّهم وسموّهم.
وفي النهاية يبقى هذا السؤال : لماذا تمّت الموافقة على طلبه في البقاء حيّا ، ولماذا لم يهلك في تلك اللحظة؟
جواب هذا السؤال هو ما ذكرناه أعلاه ، وبعبارة اخرى :
إنّ عالم الدنيا هذا هو ساحة للاختبار والامتحان (الاختبار الذي هو وسيلة لتربية وتكامل الإنسان) وكما هو معروف فإنّ الاختبار لا يتمّ من دون مواجهة عدو شرس ومجابهة مختلف أنواع الأعاصير والمشاكل.
وبالطبع ، إن لم يكن هناك شيطان ، فإنّ هوى النفس ووساوسها هي التي تضع الإنسان في بودقة الاختبار ، ولكن حرارة هذه البودقة تزداد بوجود الشيطان ، لأنّ الشيطان سيكون في هذه الحالة العامل الخارجي المؤثّر على الإنسان ، وهوى النفس والوساوس ستكون العامل الداخلي.