وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (١).
فأحيانا يستحسن الإنسان القبائح ويستقبح الحسنات بحيث ينزعج إذا سمع اسم الحق ويستبشر إذا سمع اسم الباطل لا يسجد ولا يركع أمام عظمة الله جلّ وعلا خالق الكون ، إلّا أنّه يسجد ويركع تعظيما لأصنام صنعها من الحجارة والخشب أو لإنسان أو كائنات مثله.
ونظير هذا المعنى ورد في الآية (٤٦) من سورة الإسراء ، قال تعالى : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً).
وفي سورة نوح الآية (٧) عند ما شكى نبيّ الله نوح عليهالسلام ممن يفكر بمثل هذا التفكير المنحرف إلى الله سبحانه وتعالى (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً).
نعم ، هذا هو حال المتعصبين اللجوجين والجهلة المغرورين.
من هذه الآية يتضح بصورة جيدة أنّ مصدر شقاء هذه المجموعة أمران : الأوّل : إنكارهم لأساس التوحيد ، والثّاني : عدم إيمانهم بالآخرة.
وفي المقابل نرى المؤمنين لدى سماعهم اسم الله ينجذبون إليه بدرجة أنّهم على استعداد لبذل كلّ ما لديهم في سبيله ، فاسم حبيبهم يحلّي أفواههم ويعطّر أنفاسهم ويضيء قلوبهم ، كما أن سماع أي شيء يرتبط ويتعلق بالله يبعث السرور والبهجة في قلوبهم.
نعود إلى المشركين مرّة اخرى لنقول : إن الصفة القبيحة التي ذكرناها في بداية البحث بشأن المشركين ، لا تخصّ مشركي عصر الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنّما في عصر وزمان هناك منحرفون ذوو قلوب مظلمة يفرحون ويستبشرون فور سماعهم أسماء أعداء الله وأصحاب المذاهب الإلحادية ، وسماعهم نبأ انتصار الظلم والطغيان ، أمّا سماع أسماء الطيبين والطاهرين ومناهجهم وانتصاراتهم فإنّه
__________________
(١) «اشمأزت» : من مادة (اشمئزاز) وتعني الانقياض والنور عن الشيء ، (وحده) منصوب حال أو مفعول مطلق.