يسبب لهم آلاما مبرحة ، بعض الرّوايات فسّرت الآية على أنّها تعني أولئك الذين ينزعجون من سماع فضائل أهل بيت النبوّة الأطهار عليهمالسلام أو من يتبع نهجهم (١).
وعند ما يصل الأمر إلى درجة أنّ مجموعة من اللجوجين والجهلة المغرورين ينفرون ويشمئزون حتى من سماع اسم الله ، يوحي البارئ عزوجل إلى نبيّه الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يتركهم ويتوجه الى الباري عزوجل ويشتكي إليه من هؤلاء بلحن مليء بالعواطف الرفيعة والعشق الإلهي لكي يبعث على تسكين قلبه المليء بالغم من جهة ، وعلى تحريك العواطف الهامدة عند أولئك من جهة اخرى : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٢).
نعم أنت الحاكم المطلق في يوم القيامة الذي تنتهي فيه الاختلافات وتظهر فيه كلّ الحقائق المخفية ، لأنك خالق كلّ شيء في الوجود وعالم بكل الأسرار فتنتهي الاختلافات بحكمك العادل ، وهناك يدرك المعاندون مدى خطئهم ، ويفكرون في إصلاح ما مضى ، ولكن ما الفائدة؟
الآية التالية تقول : (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ولكن هذا الأمر غير ممكن.
«الظلم» : هنا له معان واسعة تشمل الشرك أيضا وبقية المظالم.
ثم تضيف الآية (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ).
وسيرون العذاب بأعينهم ، العذاب الذي لم يكن يتوقعه أحد منهم ، لأنّهم كانوا مغرورين بلطف الله ، في حين كانوا في غفلة عن غضبه وقهره. وأحيانا كانوا يقومون بأعمال يتصورونها حسنة ، في حين أنّها كانت من الذنوب الكبيرة.
على أيّة حال ، تظهر لهم في ذلك اليوم أمور لم يكن يتصور أحد ظهورها.
__________________
(١) صول الكافي ، وروضة الكافي ، نقلا عن تفسير نور الثقلين ، المجلد ٤ ، الصفحة ٤٩٠.
(٢) «فاطر السموات» منصوب بعنوان منادى مضاف.