أحرارا وننفذ الأعمال بأختيارنا ، كما أنّه وضع كلّ ما نحتاجه تحت تصرفنا.
لكننا في الحال ذاته أحرار مخيرون في تنفيذ الأعمال ، وعلى ذلك فإنّ أفعالنا منسوبة إلينا ونحن المسؤولون عنها.
فإذا قال أحد : إنّ الإنسان يخلق أعماله ، ولا دخل لله عزوجل فيها ، فإنّه قد أشرك لأنّه في هذه الحالة يعتقد بوجود خالقين ، خالق كبير وخالق صغير ، وإذا قال آخر : إنّ أعمالنا هي من خلق الله ولا دخل لنا فيها ، فقد انحرف ، لأنّه أنكر بقوله هذا حكمة وعدالة الله ، إذ لا يصح أن يجبرنا في الأعمال ، ثمّ يحمّلنا مسئوليتها! لأنّ في هذه الحالة ، يصبح الجزاء والثواب والحساب والمعاد والتكليف والمسؤولية كلّها عبثا.
لذا فإن الاعتقاد الإسلامي الصحيح والذي يمكن أن يستشف من مجموع آيات القرآن المجيد ، هو أن كلّ أعمالنا منسوبة لله وإلينا ، وهذه النسبة لا يوجد فيها أي تعارض ، لأنّها طولية وليست عرضية.
أمّا الآية التالية فقد تطرقت (توحيد الله في المالكية) لتكمل بحث التوحيد الذي ورد في الآيات السابقة ، إذ تقول : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
«مقاليد» : كما يقول أغلب اللغويين ، جمع (مقليد) (مع أن الزمخشري يقول في الكشاف : إن هذه الكلمة ليس لها مفرد من لفظها) و (مقليد) و (إقليد) كلاهما تعني المفتاح ، وعلى حدّ قول صاحب كتاب (لسان العرب) وآخرين غيره فإن كلمة (مقليد) مأخوذة من (كليد) الفارسية الأصل ، ومن العربية تستعمل بنفس المعنى ، ولذا فإن (مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تعني مفاتيح السماوات والأرض.
هذه العبارة تستخدم ككناية عن امتلاك شيء ما أو التسلط عليه كأنّ يقول أحد : مفتاح هذا العمل بيد فلان. لذا فإنّ الآية المذكورة أعلاه يمكن أن تشير إلى (وحدانية الله في الملك) وفي نفس الوقت تشير إلى وحدانيته في التدبير والربوبية والحاكمية على هذا العالم الكوني.