في الآية (٣٨) من السورة هذه (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ).
ولكنّهم ابتلوا بالانحراف فيما يتعلق بمسألة (توحده في الربوبية) ، في بعض الأحيان اعتبروا الأصنام هي التي تحفظهم وتحميهم وتدبر أمرهم ، وكانوا يلجؤون إليها عند ما يواجهون أي مشكلة. والقرآن المجيد ـ من خلال الآية المذكورة أعلاه ـ يشير إلى حقيقة أنّ تدبير أمور الكون وحفظه هي بيد خالقه ، وليس بيد أحد آخر ، ولهذا يجب اللجوء إليه دائما.
وقد ذكر «ابن منظور» في كتاب (لسان العرب) معاني متعددة لكلمة (وكيل) منها : الكفيل ، والحافظ ، والمدبر للأمر.
ومن هنا يتضح أنّ الأصنام ليست مصدر خير أو شر ، وأنّها عاجزة عن حل أبسط عقدة ، حيث أنّها موجودات ضعيفة وعاجزة ، ولا يمكن أن تقدم أدنى فائدة للإنسان.
وقد عمد بعض المؤيدين للمذهب الجبري إلى الاستدلال على بعض الأمور من عبارة (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) لتأكيد ما جاء في معتقداتهم المنحرفة ، إذ قالوا : إنّ هذه الآية تشمل الأعمال أيضا ، ولهذا فإنّ أعمالنا تعد من خلق الله ، رغم أنّ أعضاءنا هي التي تقوم بها.
إنّ خطأ أولئك هو أنّهم لم يدركوا هذه الحقيقة جيدا ، وهي أنّ خالقية الله سبحانه وتعالى لا يوجد فيها أي تعارض مع حرية الإرادة والإختيار لدينا ، لأنّ التناسب فيما بينهما طولي وليس عرضي.
فأعمالنا تتعلق بالله ، وتتعلق بنا أيضا ، لأنّه لا يوجد هناك شيء في هذا الكون يمكن أن يكون خارج إطار سلطة البارئ عزوجل ، وعلى هذا الأساس فإن أعمالنا هي من خلقه ، وإنه أعطانا القدرة والعقل والإختيار والإرادة وحرية العمل ، ومن هذه الناحية يمكن أن ننسب أعمالنا إليه ، حيث إنّه أراد أن نكون