يعلم :
أوّلا : أنّ الله مطلق وغير محدود من جميع النواحي.
وثانيا : أنّه خالق كلّ الموجودات التي تحتاج إليه في كلّ لحظة من لحظات وجودها.
وثالثا : أنّه يدير الكون ويحل كلّ عقد المشاكل ، وأنّ الأرزاق بيده ، وحتى الشفاعة إنّما يتمّ بإذنه وأمره ، فما معنى توجه من يعلم بكلّ هذه الحقائق إلى غير الله.
وأساسا فإنّ وجود مثل هذه الصفات في موجودين اثنين أمر محال ، لأنّه من غير الممكن عقلا وجود موجودين مطلقين من جميع الجهات.
ثمّ يأتي القرآن بعبارتين كنائيتين بعد العبارة السابقة ، وذلك لبيان عظمة وقدرة البارئ عزوجل ، إذ يقول كلام الله المجيد : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ).
«القبضة» : الشيء الذي يقبض عليه بجميع الكف ، تستخدم ـ عادة ـ للتعبير عن القدرة المطلقة والتسلط التام ، مثلما نقول في الاصطلاحات اليومية الدارجة : إن المدينة الفلانية هي بيدي ، أو الملك الفلاني هو بيدي وفي قبضتي.
«مطويات» : من مادة (طي) وتعني الثني ، والتي تستعمل أحيانا كناية عن الوفاة وانقضاء العمر ، أو عن عبور شيء ما.
والعبارة المذكورة أعلاه استخدمت بصورة واضحة بشأن السماوات في الآية (١٠٤) من سورة الأنبياء (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ).
فالذي يثني طومارا ويحمله بيده اليمنى يسيطر بصورة كاملة على الطومار الذي يحمله بتلك اليد ، وانتخبت اليد اليمنى هنا لأن أكثر الأشخاص يؤدون أعمالهم المهمّة باليد اليمنى ويحسون بأنّها ذات قوة وقدرة أكثر.
خلاصة الكلام ، أنّ كلّ هذه التشبيهات والتعابير هي كناية عن سلطة الله