الأعمال : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) (١). وعندها تكون النتيجة : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (٢). لذلك سيلوم هؤلاء أنفسهم بشدة ويتنفرون منها ويبكون على مصيرهم.
وهنا يأتي النداء : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ).
وطبقا لهذا التّفسير تكون جملة : (إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) بيانا لدليل شدة الغضب الإلهي عليهم (٣).
بالطبع فإن كلا التّفسيرين مناسب ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل بلحاظ بعض الأمور ـ أرجح.
عند ما يشاهد المجرمون أوضاع يوم القيامة وأهوالها ، ويرون مشاهد الغضب الإلهي حيالهم ، سينتبهون من غفلتهم الطويلة ويفكرون بطريق للخلاص ، فيعترفون بذنوبهم ويقولون : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ).
عند ما تزول حجب الغرور والغفلة ، وينظر الإنسان بالعين الحقيقية ، فلا سبيل عندها سوى الاعتراف بالذنوب!
إنّ هؤلاء كانوا يصرون على إنكار المعاد ، ويستهزئون بوعيد الأنبياء لهم ،
__________________
(١) التكوير ، آية ١٠.
(٢) الإسراء ، الآية ١٤
(٣) طبقا للتفسير الأوّل تكون (إذ) ظرفية ومتعلقة بـ «مقتكم أنفسكم» أمّا طبق التّفسير الثّاني فتعتبر (إذ) تعليلية ومتعلقة بـ «مقت الله» والجدير بالملاحظة أنّ المقتين الواردين في الآية أعلاه يرتبطان بأربعة احتمالات هي :
الأوّل : أن يكون مكان الإثنين في يوم القيامة.
الثّاني : أن يكون مكانهما في هذه الدنيا.
الثّالث : أن يكون المقت الأوّل في الدنيا والثّاني في الآخرة.
أما الرابع : فهو عكس الثّالث.
ولكن الأفضل وفقا للتفسير أعلاه أن يختص الأوّل بالآخرة. والثّاني بالدنيا ، أو أن يختص الاثنان بالآخرة.