ولكن بعد توالي الموت والحياة لا يبقى مجال للإنكار ، وقد يكون سبب تكرارهم للموت والحياة ، أنّهم يريدون القول : يا خالقنا الذي تملك الموت والحياة ، أنت قادر على أن تعيدنا إلى الدنيا مرة اخرى كي نعوّض ما مضى.
* * *
ذكر المفسرون عدّة تفاسير حول المقصود من قوله تعالى : (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) و (أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) ومن بين هذه التفاسير هناك ثلاثة آراء نقف عليها فيما يلي :
أوّلا : أن يكون المقصود من (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) هو الموت في نهاية العمر ، والموت في نهاية البرزخ. أمّا المقصود من (أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) فهي الإحياء في نهاية البرزخ والإحياء في القيامة.
ولتوضيح لذلك ، نرى أنّ للإنسان حياة اخرى بعد الموت تسمى الحياة البرزخية ، وهذه الحياة هي نفس حياة الشهداء التي يحكي عنها قوله تعالى : (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (١) ، وهي نفس حياة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام ، حيث يسمعون سلامنا ويردون عليه.
وهي أيضا نفس حياة الطغاة والأشقياء كالفراعنة الذين يعاقبون صباحا ومساء بمقتضى قوله تعالى : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (٢).
ومن جانب آخر نعرف أنّ الجميع ، من الملائكة والبشر والأرواح ، ستموت في نهاية هذا العالم مع أوّل نفخة من الصور : (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) (٣). ولا يبقى أحد سوى الذات الإلهية (بالطبع على خلاف ما أوضحناه في نهاية الآية (٨٦) من سورة الزمر بين موت وحياة الملائكة والأرواح ، وبين موت وحياة الإنسان).
__________________
(١) آل عمران ، الآية ١٦٩.
(٢) غافر ، الآية ٤٦.
(٣) الزمر ، الآية ٦٨.