البعث.
والذين يعتقدون بهذا التّفسير يستدلون بالآية (٢٨) من سورة «البقرة» حيث قوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
إلّا أنّ الآية التي نبحثها تتحدث عن إماتتين ، في حين أنّ آية سورة البقرة تتحدّث عن حياة واحدة وإماتة واحدة (١).
يتّضح من مجموع التفاسير الثّلاثة هذه أنّ التّفسير الأوّل هو الأرجح.
ولا بأس أن نشير إلى أنّ بعض مؤيدي «التناسخ» أرادوا الاستدلال بهذه الآية على الحياة والموت المكرّر للإنسان ، وعودة الروح إلى الأجساد الجديدة في هذه الدنيا ، في حين أنّ الآية أعلاه تعتبر إحدى الأدلة الحية على نفي التناسخ ، لأنّها تتحدّد الموت والحياة في مرّتين ، إلّا أنّ أنصار عقيدة «التناسخ» يقولون بالموت والحياة المتعدّدة والمتوالي ، ويعتقدون بأنّ روح الإنسان الواحد يمكن أن تتجسّد وتحل مرأت اخرى في أجساد جديدة ، ونطف جديدة وترجع إلى هذه الدنيا.
من الطبيعي أن يكون الجواب على طلب الكافرين بالعودة إلى هذه الدنيا للتكفير عمّا فاتهم هو الرفض. وهذا الرفض من الوضوح بحيث لم تشر إليه الآيات التي نبحثها.
لكن نستطيع أن نعتبر الآية التي بعدها دليلا على ما نقول ، إذ تقول : (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا).
فعند ما يدور الكلام عن التوحيد والتقوى والأوامر الحقة تشمئزون وتحزنون ، أما إذا دار الحديث عن الكفر والنفاق والشرك فستفرحون وتنبسط
__________________
(١) احتمل بعض المفسّرين أنّ الآية أعلاه تشير إلى «الرجعة» إلّا أنّ مراعاة عمومية الآية وشمولها جميع الكافرين ، وعدم ثبوت عمومية الرجعة لهم جميعا ، يجعل هذا التّفسير قابلا للنقاش.