أساريركم ، لذلك ستكون عاقبتكم ما رأيتم.
وهنا نطرح هذا السؤال : كيف نربط هذا الجواب مع طلبهم العودة إلى هذه الدنيا؟
إنّ الآية تفيد أنّ حقيقة أعمال هؤلاء لم تكن محدودة بزمن معين ، ولم تكن مؤقتة ، بل كانت دائمية ، لذلك فلو عادوا إلى الحياة مرّة اخرى فإنهم سيستمرون على هذا الوضع ، أمّا هذا الإيمان والتسليم والإذعان الذي رأيناه منهم يوم القيامة ، فهو اضطراري وليس عن قناعة حقيقية.
ثمّ إنّ اعتقادات هؤلاء وأعمالهم ونياتهم السابقة تستوجب خلودهم في الجحيم ، لذا فلا يمكن عودة هؤلاء إلى الدنيا مع هذا الوضع.
وهذا الوضع يختص بالأفراد الذين تجذّر الكفر والشر والذنب في أعماقهم ، وهؤلاء هم الذين يصفهم القرآن بأنّ نفوسهم تشمئز عند ذكر الله تعالى وحده ، ويفرحون عند ذكر الأصنام : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (١).
إنّ هذا الوصف لا يختص بالمشركين في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فحسب ، إذ يشهد زماننا مثل هؤلاء من ذوي القلوب الميتة ، الذين يفرون من الإيمان والتوحيد والتقوى ، ويقبلون على الكفر والنفاق والفساد.
لذلك نقرأ في بعض الروايات عن أهل البيت عليهمالسلام ، في تفسير هذه الآية ، أنّها تختص بقضية (الولاية) إذ يتأذى البعض عند سماعها (أي الولاية) ويفرحون عند سماع أسماء أعداء أهل البيت عليهمالسلام هذا التّفسير هو من باب انطباق المفهوم ، العام على المصداق ، وليس من باب تقييد كلّ المفهوم الذي تطوية الآية بهذا المصداق).
وفي نهاية الآية ، ومن أجل أن لا ييأس هؤلاء المشركون ذوو القلوب
__________________
(١) الزمر ، الآية ٤٥.