عند ما نزل بساحتهم.
لقد وردت كلمة «أخذ» مرارا في القرآن الكريم بمعنى العقاب ، وهي إشارة إلى «أخذ» القوم أو الجماعة قبل أن ينزل بها العقاب ، تماما كما يقبض أوّلا على الشخص المجرم ، ثمّ يتمّ عقابه.
الآية التي بعدها فيها تفصيل لما قيل سابقا بإيجاز ، بقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا). فلم يكن الأمر أنّهم كانوا غافلين ولم يعرفوا الأمر ، ولم يكن كفرهم وارتكابهم الذنوب بسبب عدم إتمام الحجّة عليهم ، فلقد كانت تأتيهم رسلهم تترا ، كما يستفاد من قوله تعالى : (كانَتْ تَأْتِيهِمْ) إلّا أنّهم لم يخضعوا للأوامر الإلهية ، كانوا يحطمون مصابيح الهداية ، ويديرون ظهورهم للرسل ، وكانوا ـ أحيانا ـ يقتلونهم!
وحينئذ : (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) وعاقبتهم أشدّ العقاب ـ (إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ). إذ هو في مواطن الرأفة أرحم الراحمين وفي مواضع الغضب أشد المعاقبين.
* * *