قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل [ ج ١٥ ]

269/607
*

فرعون ، فكان لهم ـ كما سنرى ذلك ـ قرارهم الخطير بشأنه!

يفهم من خلال القرائن أنّ أولئك المعاندين والمغرورين لم يسكتوا حيال كلام هذا الرجل الشجاع المؤمن ، وإنّما قاموا بطرح «مزايا» الشرك في مقابل كلامه ، ودعوه كذلك إلى عبادة الأصنام.

لذا فقد صرخ قائلا : (وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ).

إنني أطلب سعادتكم وأنتم تطلبون شقائي ، إنني أهديكم إلى الطريق الواضح الهادي وأنتم تدعونني إلى الانحراف والضلال!

نعم ، إنّكم : (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ).

نستفيد من الآيات القرآنية المختلفة ، ومن تأريخ مصر ، أنّ هؤلاء القوم لم يقتصروا في عبادتهم وشركهم وضلالهم على الفراعنة وحسب ، وإنّما كانت لهم أصنام يعبدونها من دون الواحد القهار ، كما نستفيد ذلك بشكل مباشر من قوله تعالى في الآية (١٢٧) من سورة «الأعراف» حيث قوله تعالى : (أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَ، آلِهَتَكَ) والآية تحكي خطاب أصحاب فرعون والملأ من قومه لفرعون.

وقد تكرّر نفس المضمون على لسان يوسف عليه‌السلام ، إذ قال لرفاقه في سجن الفراعنة : (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (١).

لقد ذكّرهم مؤمن آل فرعون من خلال مقارنة واضحة أنّ دعوتهم إلى الشرك لا تستند على دليل صحيح ، والشرك طريق وعر مظلم محفوف بالمخاطر وسوء العاقبة والمصير ، بينما دعوته (مؤمن آل فرعون) دعوة للهدى والرشاد وسلوك طريق الله العزيز الغفّار.

إنّ عبارة (العزيز) و (الغفار) تشير من جانب إلى مبدأ (الخوف والرجاء) ومن

__________________

(١) يوسف ، الآية ٣٩.