العواصف والمشاكل وتقول الآية الكريمة : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ) ونادما من ذنوبه وغفلته.
وعند ما يمنّ الله على الإنسان بالنعم ينسى المشاكل والابتلاءات السابقة التي دعا الله عزوجل من أجل كشفها عنه ، قال تعالى : (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) (١).
إذ يجعل لله أندادا وشركاء ويعمد إلى عبادتها ، ولا يكتفي بعبادتها بل يعمد ـ أيضا ـ لإضلال وحرف الناس عن سبيل الله : (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ).
المقصود هنا من (الإنسان) هم الناس العاديون الذين لم يتربّوا في ظل إشعاعات أنوار تعاليم الأنبياء ، ولا يشمل هذا الكلام المؤمنين الذين يذكرون الله في السراء والضراء ويطلبون العون من لطفه دائما.
المراد من (ضر) هنا كلّ أذى أو محنة أو ضرر يصيب الجسم أو الروح.
«خولناه» : من مادة (خول) على وزن (عمل) وتعني المراقبة المستمرة لشيء ما ، المراقبة والتوجّه الخاص يستلزم العطاء والبذل ، فقد استخدمت هنا بمعنى الهبة.
وقال البعض : إنّ (خول) على وزن (عمل) وتعني الخادم ، ولهذا فإنّ كلمة «خوله» تعني الخادم الذين وهب لصاحبه ، ثمّ استعملت في كافة أشكال هبة النعم بالتخويل.
والبعض الآخر قال : إنّها تعني الفخر والتباهي ، ولهذا فإنّ العبارة المذكورة
__________________
(١) هناك اختلاف بين المفسّرين حول المعنى الذي تعطيه (ما) في عبارة : (نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ) البعض يعتقد أن (ما) موصولة تشير إلى (ضر) ولكون هذا المعنى هو الأنسب ، فقد قدم على المعاني الأخرى ، وقال البعض أيضا : إن (ما) موصولة والمراد منها هو الله سبحانه وتعالى : ومجموعة أخرى قالت : إن (ما) مصدرية وتعني الدعاء ، وإمعان النظر في الآية (١٢) من سورة يونس : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) يبيّن أن هذه الآية شاهد على صحة المعنى الأوّل.