أعلاه تعني حصول الإنسان على الفخر عن طريق منحه وهبته النعم (١).
ويصورة عامة فإنّ هذه الجملة تعكس إضافة إلى العطاء والهبة ، اهتمام البارئ عزوجل الخاصّ بعبده.
عبارة (مُنِيباً إِلَيْهِ) تبيّن أنّ الإنسان في الحالات الصعبة يضع كافّة ستائر غروره وغفلته جانبا ، ويترك وراءه كلّ ما كان يعبده أو يتمسك به من دون الله ، ويعود إلى الباري ، عزوجل ، ويستشفّ من مفهوم (الإنابة) هذه الحقيقة وهي أن مبدأ الإنسان ومقصده وغايته هو الله تعالى.
«أندادا» : جمع (ند) على وزن (ضد) وتعني الشبيه والمثيل ، مع وجود بعض الاختلاف وهو أنّ (مثل) لها مفهوم واسع ، ولكن (ند) لها معنى واحد ، وهو المماثلة في الذات والجوهر.
عبارة (جعل) تبيّن أن تصورات وخيالات الإنسان تصنع مثيلا وشبيها لله ، الأمر الذي لا يمكن أن ينطبق مع الواقع.
وعبارة (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) تبيّن أن الضالين المغرورين لا يقتنعون بإضلال أنفسهم ، وإنّما يعمدون لجر الآخرين إلى وادي الضلال.
وعلى أية حال ، فإنّ آيات القرآن المجيد أشارت ـ مرّات عديدة ـ إلى العلاقة الموجودة بين (التوحيد الفطري) و (الحوادث الصعبة في الحياة) كما عكست اضطراب الإنسان المغرور الذي يلجأ إلى الله ويوحده بإخلاص فور ما تعصف به العواصف والأعاصير ، وكيف أنّه ينسى الله ويعود إلى غروره ولجاجته فور هدوء العاصفة ليسير من جديد في طريق الشرك والضلال.
وما أكثر أمثال هؤلاء الأشخاص المتلونون ، وما أقل من ينقلب ويتغير عند ما يمنّ البارئ عزوجل عليه بالنصر والنعم والاستقرار.
نعم ، فأبسط نسمة هواء تمرّ على حوض ماء تجعل مياه مضطربة ، أمّا المحيط
__________________
(١) يراجع (لسان العرب) و (مفردات الراغب) وتفسير (روح المعاني).