وغرورهم ، وقيدوا أنفسهم بسلاسل التقليد الأعمى ، وفي يوم الجزاء والقيامة ستطوقهم السلاسل من الأعناق بمنتهى الذلّة ، وسيسحبون أذلاء إلى نار جهنم وبئس المصير.
إضافة إلى هذا العذاب الجسماني سيعاقبون بمجموعة من أنواع العذاب الروحي والنفسي كما تشير إليه الآية التالية ، حيث يقول تعالى : (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ)؟!
أي أين شركاؤكم من دون الله كي ينقذوكم من هذا العذاب الأليم وأمواج النّار المتلاطمة؟ ألم تقولوا : إنّكم تعبدونهم وتطيعونهم وتتخذونهم أربابا ليشفعوا لكم ، إذا أين شفاعتهم الآن؟!
فيجيبون بخضوع يغشاهم وذلك يعلوهم : (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) (١) أيّ اختفوا وهلكوا وأبيدوا بحيث لم يبق منهم أثر.
ولا ريب ، فإنّ من كانوا يدعونه من دون الله هم في نار جهنم ، وقد يكونون بجانبهم ، إلّا أنّهم لا ينفعون ولا يؤثرون وكأنّهم قد اختلفوا!
وعند ما يرى هؤلاء أنّ اعترافهم بعبادة الأصنام أصبح عارا عليهم وعلامة تميزهم ، فإنّهم يبدأون بالإنكار فيقولون : (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً).
لقد كانت الأصنام مجرّد أوهام ، لكنّا كنّا نظن أنّها تمثل حقائق ثابتة ، لكنّها أصبحت كالسراب الذي يتصوره العطشان ماء. أمّا اليوم فقد ثبت لنا أنّها لم تكن سوى أسماء من غير مسمى وألفاظ ليس لها معنى ، وأنّ عبادتها لم تنفعنا بشيء سوى الضلال. لذلك فهؤلاء اليوم بمواجهة الواقع الذي لا سبيل إلى إنكاره.
هناك احتمال آخر في تفسير الآية ، هو أنّهم سيكذبون لينقذوا أنفسهم من الفضيحة ، كما نقرأ ذلك في الآيتين (٢٣) و (٢٤) من سورة الأنعام : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ
__________________
(١) لقد ذكر المفسرون معنيين لكلمة «ضلوا» فالبعض اعتبرها بمعنى ضاعوا وهلكوا ، بينما قال البعض الآخر : إنها بمعنى «غابوا» كقولنا «ضلت الدابة» أي غابت فلم يعرف مكانها.