فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
وأخيرا يقول تعالى : (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ).
إنّ كفرهم وعنادهم سيكون حجابا على قلوبهم وعقولهم ، ولذلك سيتركون طريق الحق ويسلكون سبيل الباطل ، فيحرمون يوم القيامة من الجنّة وينتهي مصيرهم إلى النّار. وهكذا يضل الله الكافرين.
الآية التي بعدها تشير إلى علة مصائب هذه المجموعة ، حيث يقول تعالى : (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ).
كانوا يفرحون بمعارضة الأنبياء وقتل المؤمنين والتضييق على المحرومين ، وكانوا يشعرون بالعظمة عند ارتكاب الذنوب وركوب المعاصي. واليوم عليهم أن يتحملوا ضريبة كلّ ذلك الفرح والغفلة والغرور من خلال هذه النيران والسلاسل والسعير.
«تفرحون» من «فرح» وتعني السرور والابتهاج. وقد يكون الفرح ممدوحا ومطلوبا في بعض الأحيان ، كما تفيد الآيتان (٤) و (٥) من سورة «الروم» في قوله تعالى : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ).
وفي بعض الأحيان يكون الفرح مذموما وباطلا ، كما ورد في قصة قارون ، الآية (٧٦) من سورة «القصص» حيث نقرأ قوله تعالى : (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ).
طبعا ينبغي التفريق بين الموردين من خلال القرائن ، ولا ريب من أن «الفرح» في الآية التي نبحثها من النوع الثّاني.
«تمرحون» مشتقّة من «مرح» على وزن «فرح» وهي كما يقول اللغويون والمفسرون ، تأتي بمعنى شدة الفرح ، وقال آخرون : إنّها تعني الفرح بسبب بعض القضايا الباطلة.