ملاحظة
تتضمّن هاتان الآيتان إشارات لطيفة إلى نقاط مهمّة :
١ ـ في الآية الأولى ، ذكرت فلسفة الحوادث المرّة والصعبة ، وانشكاف ستائر الغرور والغفلة عن عين القلب ، وصيرورة شعاع الإيمان شعلة وهّاجة ، والعودة والإنابة إلى لله سبحانه وتعالى ، وأجابت الآية في نفس الوقت أولئك الذين يتصورون أنّ وجود مثل تلك الحوادث الصعبة في الحياة إنّما هي نقص في مسألة نظام الخلق وفي عدالة البارئ عزوجل.
٢ ـ الآية الثّانية تبدأ بالدعوة إلى العمل وبناء الذات وتنتهي بالعلم والمعرفة ، لأنّ من لم يبن ذاته ، لا تشع أنوار المعرفة من قلبه ، حيث لا يمكن أصلا فصل العلم عن بناء الذات.
٣ ـ قوله تعالى : (قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ) وردت هنا بصيغة اسم فاعل ، وكلمة (الليل) جاءت مطلقة لتشير إلى استمرار عبودية وخضوع أولئك لله سبحانه ، لأنّ العمل إذا لم يستمر فيكون ضعيف جدّا.
٤ ـ إنّ العلم الاضطراري المتولّد من نزول البلاء والذي يربط الإنسان بخالقه ، لا يكون مصداقا حقيقيا للعلم الّا إذا استمر إلى ما بعد هدوء العاصفة. لذا فإنّ الآيات المذكورة أعلاه تجعل الإنسان الذي يستيقظ حال نزول البلاء ويعود إلى غفلته عند زواله تجعله في عداد الجهلة. إذن فإنّ العلماء الحقيقيين هم المتوجهون إليه تعالى في كلّ الحالات.
٥ ـ ممّا يلفت الانتباه أنّ نهاية الآية الأخيرة تقول : إنّ الفرق بين الجاهل والعالم لا يدركه سوى أولي الألباب! لأنّ الجاهل لا يدرك قيمة العلم! وفي الحقيقة إنّ كلّ مرحلة من مراحل العلم هي مقدمة لمرحلة أخرى.
٦ ـ العلم في هذه الآية وبقية الآيات لا يعني معرفة مجموعة من المصطلحات ، أو العلاقة المادية بين الأشياء ، وإنّما يقصد به المعرفة الخاصة التي