وفي حديث ورد في كتاب «علل الشرائع» وفي كتاب «الكافي» نقلا عن الإمام الباقر عليهالسلام ، إنّه فسّر هذه الآية : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ) بأنّها صلاة الليل (١).
من الواضح أن هذا التّفسير يشبه الكثير من التفاسير الأخرى التي بيّنت في ذيل آيات مختلفة في القرآن الكريم من قبيل ذكر مصاديقها الواضحة ، ولا ينحصر مفهوم الآية بصلاة الليل.
وتتمة الآية تخاطب الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقول : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ).
كلا ، إنّهم غير متساوين : (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ).
لا شك في أن السؤال المذكور أعلاه سؤال شامل ، وأنّه يقارن ما بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، أي بين العلماء والجهلة ، لأنّه قبل طرح هذا السؤال ، كان هناك سؤال آخر قد طرح ، وهو : هل يستوي المشركون والمؤمنون الذين يحيون الليل بالعبادة ، فالسؤال الثّاني يشير أكثر إلى هذه المسألة وهو : هل أن الذين يعلمون بأن المشركين المعاندين لا يتساوون مع المؤمنين الطاهرين ، يتساوون مع الذين لا يعلمون بهذه الحقيقة الواضحة؟
وعلى أية حال فهذه العبارة التي تبدأ باستفهام استنكاري ، توضح أحد شعارات الإسلام الأساسية وهو سمو وعلو منزلة العلم والعلماء في مقابل الجهل والجهلة. ولأنّ عدم التساوي ـ هذا ـ ذكر بصورة مطلقة ، فمن البديهي أن تكون هاتان المجموعتان غير متساويتين عند البارئ ، عزوجل ، وغير متساويين في وجهة نظر العقلاء ، ولا يقفون في صفّ واحد من الدنيا ، ولا في الآخرة وأنّهم مختلفون ظاهرا وباطنا.
* * *
__________________
(١) علل الشرائع ، والكافي نقلا عن نور الثقلين ، المجلد ٤ ، الصفحة ٤٧٩.