هناك أعضاء اخرى تشهد؟
ما نستفيده من الآيات القرآنية الأخرى أنّ هناك أعضاء اخرى في جسم الإنسان تشهد عليه ، إذ نقرأ في الآية (٦٥) من سورة «يس» قوله تعالى : (وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
وفي الآية (٢٤) من سورة «النور» قوله تعالى : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ).
وهكذا يتضح أنّ هناك أعضاء اخرى تقوم بالإدلاء بالشهادة ، إلّا أنّ ما تذكره الآية التي بين أيدينا من أعضاء تعتبر في الدرجة الأولى ، لأنّ معظم أعمال الإنسان تتم بمساعدة العين والأذن ، وإنّ الجلود هي أول من يقوم بملامسة الأعمال.
المجرمون يستغربون هذه الظاهرة ، وآية استغرابهم قوله تعالى : (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا).
لسان حالهم يقول : لقد كنّا لسنين مديدة نحافظ عليكم من الحر والبرد ونعتني بنظافتكم ، فلما ذا أنتم هكذا؟
وفي الجواب يقولون : (قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ).
لقد أعطانا الله مهمّة القيام بالشهادة على أعمالكم في هذه المحكمة العظيمة ، ولا نملك نحن سوى الطاعة ، فالذي أعطى غيرنا من الكائنات قابلية النطق أعطانا ـ أيضا ـ هذه القابلية (١).
والطريف هنا أن أولئك يسألون جلودهم دون باقي الأعضاء من الشهود كالعين والأذن.
__________________
(١) هذا التّفسير وارد عند ما يكون معنى الآية : (أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) ناطق ولكن يحتمل أن يكون معنى أنطق كل شيء بالمعنى المطلق ، بمعنى أنّ الله الذي أنطق جميع الموجودات ، وهو يكشف عن جميع الأسرار اليوم ، هو الذي أنطقنا ، فلا تتعجبوا من كلامنا فجميع كائنات العالم ستنطق في هذا اليوم.