السقوط والانحراف.
٢ ـ قال بعض المفسّرين في التفريق بين الخوف والحزن ، أنّ (الخوف) يختص بالحوادث التي تثير القلق لدى الإنسان لكنّها تقع في المستقبل ، فيبقى الإنسان قلقا حذرا إزاءها ومنتظر وقوعها. أمّا (الحزن) فهو ممّا يختص بالحوادث المؤسفة التي وقعت في الماضي.
وعلى أساس هذا المعنى يأتي خطاب الملائكة : أن لا تقلقوا من الصعوبات التي تنتظركم ، سواء في هذه الدنيا أو عند الموت أو في مراحل البعث ، ولا تحزنوا على ذنوبكم الماضية أو الأبناء الذين سيبقون بعدكم.
وتقديم (الخوف) على (الحزن) قد يكون بسبب أنّ المؤمن أكثر ما يكون قلقا إزاء حوادث المستقبل ، خاصة ما يتعلق منها بالحشر والجزاء واليوم الآخر.
وقال البعض أيضا : إنّ (الخوف) من العذاب ، بينما (الحزن) على ما فات من الثواب ، والملائكة تقوم بزرع الأمل عندهم في الحالتين بواسطة الألطاف الإلهية والمواهب والعطايا الربانية.
٣ ـ قوله تعالى : (كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) هو تعبير جامع تتداعى فيه كلّ صفات الجنّة في ذهن المؤمنين ذوي الاستقامة ، بمعنى أنّ الجنّة كلّها وبكل ما سمعتم عنها وعن نعيمها مسخّرة لكم ، ومن حورها وقصورها إلى مواهبها الكثيرة وعطاياها المعنوية التي لا يدركها الإنسان ، ولم تخطر ببال أحد : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (١).
٤ ـ في البشارة الرّابعة تعرّف الملائكة نفسها بأنّها تلتزم جانب المؤمنين في الدنيا والآخرة ، تقوم بنصرهم وإنزال السكينة عليهم ، وهي صورة تقابل الآيات السابقة من هذه السورة المباركة عند ما وصفت أعداء الله من الكفار من المعاندين والمكذبين ، وكيف أنّهم يتأوهون من عذاب النّار ويمتلئون غيظا وغضبا على من
__________________
(١) الم سجدة ، الآية ١٧.