أضلّهم في الحياة الدنيا ، ويريدون الانتقام منهم.
٥ ـ الفرق بين البشارة الخامسة والسادسة ، أنّ في الخامسة يقال لهم : إنّ ما ترغبونه وتريدونه موجود هناك ، فإنّ مجرّد رغبتكم في شيء ما يتزامن مع مثوله أمامكم.
ولكن قوله تعالى في (تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) : يستخدم للإشارة إلى الرغبات واللذات المادية ، وإنّ قوله تعالى في (ما تَدَّعُونَ) : يشير إلى ما تريدونه من المواهب المعنوية والعطايا والملذات الروحانية.
وخلاصة الكلام : أنّ كلّ شيء موجود هناك ، سواء كان ماديا أم معنويا.
٦ ـ «نزل» تعني كما أشرنا سابقا ، ما يقدمه المضيف إلى ضيفه ، بينما فسّرها البعض بأوّل ما يقدّم إلى الضيف. والتعبير في كلّ الأحوال يكشف عن أن جميع المؤمنين ذوي الاستقامة هم ضيوف الله ونزل رحمته وجنته ومائدته.
٧ ـ إنّ التدقيق في هذا البشائر ووعود الحق من قبل البارئ جلّ وعلا ، والتي تعطى للمؤمنين بواسطة ملائكة الله الكرام ، سوف تحرك في وجود الإنسان الدوافع نحو الإيمان والاستقامة ، تجعل الروح البشرية تتعشق السير في هذا الطريق.
وفي ظل هذه الأجواء المضيئة بالطاعة والبشرى ، استطاع الإسلام العزيز أن يصنع من عرب الجاهلية مجموعة نموذجية لا تتوانى عن الإيثار والتضحية بالغالي والعزيز في سبيل منعة الإسلام والمسلمين وانتصارهم على كلّ المشاكل والعقبات.
وينبغي أن ننتبه هنا إلى أنّ «الاستقامة» مثلها مثل «العمل الصالح» هي ثمرة لشجرة الإيمان ، إذ الإيمان يدعو الإنسان إلى الاستقامة متى ما نفذ إلى عمق الإنسان ، وتأسست قواعد وجوده النفسي على التقوى ، مثلما تعمق الاستقامة في طريق الحق والإيمان.