يمكن مراجعته ذيل الآية (٨٢) من سورة الإسراء.»
الآية التالية تستمر في مواساة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين معه وتقول لهم : إنّ للعناد والإنكار تأريخ طويل في حياة النبوات : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ).
وإذ ترى أنّنا لا نعجل في عقاب هؤلاء الأعداء المعاندين ، فذلك لأنّ المصلحة ، تقتضي أن يكونوا أحرارا حتى تتمّ الحجّة عليهم : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي لكان العقاب قد شملهم بسرعة.
إنّ التأجيل الإلهي إنما يتم هنا لمصلحة الناس ومن أجل المزيد من فرص الهداية والنور ، وبغية إتمام الحجة عليهم ، وهذه السنّة كانت نافذة في جميع الأقوام السابقة ، وهي تجري في قومك أيضا.
لكنّهم لم يصدّقوا بهذه الحقيقة بعد : (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ).
«مريب» من «ريب» بمعنى الشك الممزوج بسوء الظن والقلق ، لذلك فمعنى الآية : إنّ المشركين لا يشكون في كلامك وحسب ، بل يزعمون وجود القرائن على بطلانه والتي تؤدي بزعمهم إلى الريب.
بعض المفسّرين احتمل أنّ مراد الجملة الأخيرة هم اليهود وكتاب موسى عليهالسلام ، بمعنى أنّ هؤلاء القوم لا يزالون يشكون في التوراة ، لكن بعد هذا المعنى يرجح التّفسير الأول (١).
في الآية الأخيرة ـ من المجموعة ـ نقف أمام قانون عام يرتبط بأعمال الناس ، وقد أكّده القرآن مرارا. وهذا القانون يكمل البحث السابق بشأن استفادة المؤمنين من القرآن ، بينما يحرم غير المؤمنين أنفسهم من فيض النور الإلهي والهدى الرّباني.
يقول تعالى في هذا القانون : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما
__________________
(١) ينبغي أن يلاحظ أن الآية بعينها وردت في سورة هود آية (١١٠).