ثم تضيف الآية : ليس علم الساعة لوحدها من مختصات العلم الإلهي فحسب ، بل يندرج معها أشياء اخرى مثل أسرار هذا العالم ، وما يختص بالكائنات الظاهرة والمخفية : (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) (١). إنّ النباتات لا تنمو ، والحيوانات لا تتكاثر ، ولا يضع الإنسان نطفة إلّا بأمر الخالق العظيم و، بمقتضى علمه وحكمته.
«أكمام» جمع «كم» على وزن «جم» وتعني الغلاف الذي يغطّي الفاكهة و «كم» على وزن «قم» تعني الجزء من الرداء الذي يغطّي اليد. أمّا «كمة» على وزن «قبة» فهي القلنسوة على الرأس (٢).
قال العلّامة الطبرسي في مجمع البيان : تكمم الرجل في ثوبة ، أي غطّى الشخص نفسه بلباسة.
أمّا الفخر الرازي فيفسّر «الأكمام» بمعنى القشرة التي تغطي الفاكهة.
وهناك من المفسّرين من فسروها بأنّها : «وعاء الثمرة» (٣).
ويبدو أنّ جميع هذه الآراء تعود إلى معنى واحد ، ولأنّ أدق المراحل في عالم الكائن الحي هي مرحلة النمو في الرحم والولادة ، لذلك أكّد القرآن على هاتين القضيتين ، سواء في عالم الإنسان والحيوان ، أم في عالم النبات.
فالله هو الذي يعلم بالنطف وزمان انعقادها في الأرحام ولحظة ولادتها ، ويعلم متى تتشكل الثمار وتنمو ، ومتى تخرج من أغلفتها.
ثم يضيف السياق القرآني : إنّ هذه المجموعة التي تنكر القيامة وتستهزئ بها ، ستتعرض إلى مشهد يقال لهم فيه : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) (٤).
__________________
(١) «من» في «من الثمرات» و «من أثنى» وكذلك في «من شهيد» تأتي في نهاية الآية كلّها ، زائدة جاءت هنا للتأكيد.
(٢) يلاحظ الراغب في المفردات.
(٣) تفسير الميزان وتفسير المراغي.
(٤) «آذناك» من «إيذان» بمعنى الإعلان ، وجملة «يوم يناديهم» تتعلق بمحذوف. والتقدير : «اذكر يوم يناديهم ...».