فما كنّا نقوله هو كلام باطل كان كلاما نابعا من الجهل والعناد والتقليد والأعمى ، واليوم عرفنا مدى بطلان ادعاءاتنا الواهية.
وهؤلاء في نفس الوقت الذي يسجلون اعترافهم السابق ، فهم أيضا لا يشاهدون أثرا للمعبودات التي كانوا يعبدونها من دون الله من قبل : (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ).
إنّ مشهد القيامة مشهد موحش مهول بحيث يأخذ منهم الألباب ، فينسون خواطر تلك الأصنام والمعبودات التي كانوا يعبدونها ويسجدون لها ويذبحون لها القرابين ، بل وكانوا أحيانا يضحون بأرواحهم في سبيلهم ، وكانوا يظنون أنّها تحل لهم مشكلاتهم وتنفعهم يوم الحاجة ... إنّ كلّ ذلك أصبح وهما كالسراب.
ففي ذلك اليوم سيعلمون : (وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ).
«محيص» من «حيص» على وزن «حيف» وتعني العدول والتنازل عن شيء ، ولأنّ (محيص) اسم مكان ، فهي تعني هنا الملجأ والمفر.
«ظنوا» من «ظنّ» ولها في اللغة معنى واسع ، فهي أحيانا بمعنى اليقين ، وتأتي أيضا بمعنى الظن. وفي الآية مورد البحث جاءت بمعنى اليقين ، إذ أنّهم سيحصل لهم في ذلك اليوم اليقين حيث لا مفرّ ولا نجاة من عذاب الله.
يقول الراغب الأصفهاني في المفردات : «ظن» تعني الاعتقاد الحاصل من الدليل والقرينة ، وهذا الاعتقاد قد يكون قويا في بعض الأحيان ويصل إلى مرحلة اليقين ، وأحيانا يكون ضعيفا لا يتجاوز حدّ الظن.
* * *
__________________
ـ لقد ذكروا لهذه الجملة تفسيرا آخر هو : لا يوجد بيننا اليوم من يشهد بوجود شريك لك ، والكل ينكر وجود الشريك.