ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
وقيل أيضا في تفسير هذه الآية : إنّ المعنى : قل لن يجيرني من الله أحد إلّا تبليغا منه ومن رسالاته ، أي إلّا أن أمتثل ما أمرني به من التبليغ منه تعالى. (١)
وأمّا عن الفرق بين «البلاغ» و «الرسالات» فقد قيل : إنّ البلاغ يخص اصول الدين ، والرسالات تخصّ بيان فروع الدين.
وقيل المراد من إبلاغ الأوامر الإلهية ، والرسالات بمعنى تنفيذ تلك الأوامر ، ولكن الملاحظ أنّ الإثنين يرجعان إلى معنى واحد ، بقرينة الآيات القرآنية المتعددة : وكقوله تعالى في الآية (٦٢) سورة الأعراف فيقول : (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي) وغيرها من الآيات ، ويحذر في نهاية الآية فيقول : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً).
الواضح أنّ المراد فيها ليس كلّ العصاة ، بل المشركون والكافرون لأنّ مطلق العصاة لا يخلدون في النّار.
ثمّ يضيف : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً). (٢)
وفي المراد من العذاب في : (ما يُوعَدُونَ) هل هو العذاب الدنيوي أم الاخروي أم الاثنان معا؟ ورد في ذلك أقوال ، والأوجه هو أن يكون المعنى عامّا ، وفيما يخصّ الكثرة والقلّة والضعف والقوّة للأنصار فإنّه متعلق بالدنيا ، ولذا فسّره البعض بأنّه يتعلق بواقعة بدر التي كانت قوّة وقدرة المسلمين فيها ظاهرة
__________________
(١) هذه الجملة مستثناة من الجملة السابقة (لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) حسب هذا التّفسير ومستثناة من الآية السابقة حسب التّفسير الأوّل.
(٢) «متى» : تأتي عادة لبيان الغاية والنهاية للشيء وقيل في ذلك وجهان : الأوّل : إنّ الغاية جملة محذوفة وتقديرها (ولا يزالون يستهزؤن ويستضعفون المؤمنين حتى إذا رأوا ما يوعدون ...). الثّاني : إنّ الغاية هي للآية (يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) والتي مرّت سابقا ، والأوّل أوجه.