فيقيسون ذلك اليوم بهذا! ولكن سرعان ما يقال لهم : (كَلَّا لا وَزَرَ) (١).
فلا ملجأ إلّا إلى الله تعالى : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) وذكرت لهذه الآية تفاسير أخرى غير التفسير المذكور أعلاه منها : إن الحكم النهائي لذلك اليوم هو بيد الله تعالى.
أو إن المقر النهائي للإنسان في الجنّة أو النّار هو بيد الله.
أو أن الاستقرار للمحاكمة والحساب يومئذ يكون عنده ، ولكن بالتوجه إلى الآية التي تليها نرى أن ما قلناه هو الأنسب والأوجه.
ويعتقد البعض أن هذه الآية هي من الآيات التي تبين خط مسير التكامل الأبدي للإنسان ، وهي من جملة الآيات التي تقول : (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (٢) و (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (٣) و (أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) (٤) (٥).
وبعبارة أوضح أنّ الناس في حركة دائبة في هذا الطريق الطويل من حدود العدم إلى إقليم الوجود ، ولا يزالون في حركة في هذا الإقليم نحو الوجود المطلق ، والوجود الأزلي ، وأن هذه الحركة والسلوك التكاملي في استمرار الى الأبد ما داموا لا ينحرفون عن هذا الصراط المستقيم حيث يدخلون في كل يوم مرحلة جديدة من التقرب إلى الله تعالى ، وإذا انحرفوا عن مسيرهم فإنهم سوف يسقطون وينتهون
عندئذ يضيف في إدامة هذا الحديث : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) أمّا عن معنى هاتين العبارتين فقد ذكرت لهما تفاسير عديدة :
__________________
(١) «وزر» : على وزن قمر ، وتعني في الأصل الملاجئ الجبلية وأمثالها ، ومنها يطلق على الوزير لما يلتجأ به في الأمور ، وعلى كل حال فإنّها تعني في هذه الآية كل نوع من الملجأ والمخبأ.
(٢) التغابن ، ٣.
(٣) الإنشقاق ، ٦.
(٤) النجم ، ٤٢.
(٥) هناك نظرات أخرى في تفسير هذه الآيات وضحنا ذلك في تذييلها.