تذكرة مختصرة للنّبي صلىاللهعليهوآله حول القرآن فيقول : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) لهذه الآية أقوال متعددة للمفسّرين ، وعلى المجموع ذكرت لها ثلاثة تفاسير :
الأوّل : هو التفسير المشهور الذي نقل عن ابن عباس في كتب الحديث ، وهو أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا نزل عليه الوحي ليقرأ عليه القرآن ، تعجّل بقراءته ليحفظه وذلك لحبه الشديد للقرآن ، فنهاه الله عن ذلك وقال : (إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ).
الثّاني : نعلم أن للقرآن نزولين هما : نزول دفعي ، أي نزوله بتمامه على قلب النبي صلىاللهعليهوآله في ليلة القدر ، ونزول تدريجي والذي كان أمده ٢٣ عامّا ، وكان النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يعجل في إبلاغ الرسالة أحيانا قبل النزول التدريجي للآيات أو قراءة ما يرافق تلك الآيات ، فنهاه الله عن ذلك. وأمره أن يبلّغ ويتلو ما ينزل عليه في حينه ، وعلى هذا يكون مضمون هذه الآية كالآية (١١٤) من سورة طه : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ).
وليس في هذين التفسيرين اختلاف واسع ، ويكون المعنى : لا ينبغي للنّبي أن يعجل في استلام الوحي.
الثّالث : ولم يذهب اليه إلّا القليل ، وهو أنّ المخاطبين في هذه الآيات هم المذنبون ، وذلك في يوم القيامة حيث يأمرون بمحاسبة أنفسهم وذكر أعمالهم ، ويقال لهم : لا تعجلوا في ذلك ، ومن الطبيعي أنّهم سوف يتضجرون عند ذكرهم لسيئاتهم ويمرون عليها باستعجال ، فيأمرون بالتأني في قراءتها واتباع الملائكة عند ذكر الملائكة لأعمالهم ، وطبقا لهذا التفسير لا تكون هذه الآية كجملة معترضة ، بل مرتبطة مع الآيات السابقة واللاحقة لها. لأن جميعها تتحدث عن أحوال القيامة والمعاد ، وأمّا التفسير الأوّل والثّاني فيناسبان شكل الجملة المعترضة.
ولكن التفسير الثّالث بعيد وخاصّة مع الالتفات الى ذكر اسم القرآن في الآيات اللاحقة ، ويشير سياق الآيات إلى أن المراد هو أحد التفسيرين السابقين.