ولا إشكال في الجمع بينهما بالرغم من أنّ سياق الآيات اللاحقة يؤيّد التفسير الأول أي المشهور (فتدبّر).
ثمّ يضيف : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١) وبالتالي لا تقلق على جمع القرآن ، نحن نجمعه ونتلوه عليك بواسطة الوحي.
ثم يقول تعالى : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ، ثمّ يضيف : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ).
فيكون جمع القرآن وقراءته لك وتبيينه وتفصيل معانيه بعهدتنا ، فلا تقلق على شيء ، فالذي أنزل الوحي هو الذي يحفظه ، وأمّا ما يعهد إليك هو اتباعك له وإبلاغك الرسالة للناس ، وعن بعضهم أنّ المراد من الجمع ليس الجمع في لسان الوحي ، بل جمعه في صدر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقراءته على لسانه أي لا تعجل إنّ علينا أن نجمعه في صدرك ونثبت قراءته في لسانك بحيث تقرأه متى شئت.
على كل حال فإن هذه العبارات تؤيد التفسير الأوّل ، وهو أن الوحي النازل بواسطة جبرئيل عليهالسلام عند ما كان يهبط على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليقرأ عليه القرآن كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يكرر الآيات بسرعة لئلا ينساها. وهنا جاء الأمر من الله أن أهدأ واطمئن فإنّه تعالى هو الذي يجمع الآيات ويبيّنها. وهذه الآيات تبيّن ضمنيا أصالة القرآن ، وحفظه من أي تغيّر وانحراف ، لأنّ الله تعالى عهد بجمعه وقراءته وتبيينه.
وورد في أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بعد نزول هذه الآيات إذا أتاه جبرئيل عليهالسلام أطرق ، فإذا ذهب قرأ كما وعده الله (٢).
* * *
__________________
(١) يجب الانتباه إلى أن «القرآن» في هذه الآية والآية التي تليها هو مصدر ويراد به القراءة.
(٢) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٩٧.