بالانزعاج هو ما لا يطمأن عقباه ، أما إذا ما وجد الاطمئنان. فسيكون مثل هذا الانتظار مصحوبا بالهدوء (١).
والجمع بين معنى (النظر) و (الانتظار) غير بعيد ، لجواز استعمال اللفظ الواحد في المعاني المتعددة. وإذا كان المراد هو أحد المعنيين ، فإن الأرجح هو المعنى الأوّل.
وننهي هذا الكلام بحديث مسند إلى النّبي صلىاللهعليهوآله إذ قال : «إذا دخل أهل الجنّة الجنّة يقول الله تعالى تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنّة وتنجينا من النّار»؟
قال : «فيكشف الله تعالى الحجاب فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر الى ربّهم»! (٢)
والظريف هو ما ورد في حديث عن أنس بن مالك ، عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ينظرون إلى ربّهم بلا كيفية ولا حد محدود ولا صفة معلومة» (٣) ، وهذا الحديث تأكيد على المشاهدة الباطنية لا العينية.
وفي النقطة المقابلة لهذه الجماعة المؤمنة ، هناك جماعة تكون وجوههم مقطبة. (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ).
«باسرة» : من مادة (بسر) على وزن (نصر) ، وهو الشيء غير الناضج والعمل الذي لم يأت حينه ، ولذا يقال لفاكهة النخل غير الناضجة (بسر) على وزن (عسر) ويطلق على عبوس الوجه. وهذا الوصف هو ردّ فعل الإنسان قبل وصول العذاب والأذى إليه.
__________________
(١) يعتقد البعض أنّ (النظر) الذي يعني الانتظار لا يتعدى بـ (إلى) بل يتعدى بدون حرف الجر ، ولكن هنا شواهد من أشعار العرب تشير إلى أن (النظر) الذي يعني الانتظار يتعدى كذلك بـ (إلى) (راجع مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٩٨ ؛ وتفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٩٠٠).
(٢) روح المعاني ، ج ٢٩ ، ص ١٤٥.
(٣) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٢٠٤.