فعند ما ينظر الكافرون إلى علامات العذاب وصحائف أعمالهم الخالية من الحسنات والمملوءة بالسيئات ، يصيبهم الندم والحسرة والحزن ويعبسون وجوههم لذلك.
(تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ).
يرى الكثير من المفسّرين بأنّ (الظن) هنا بمعنى العلم. أي أنّهم يوقنون بمثل هذا العذاب ، والحال أنّ بعضهم يرى أنّ (ظن) هنا بمعناها المعروف أي الاحتمال القوي ، ومن الطبيعي أنّهم يوقنون إجمالا بأنّهم سوف يعذبون ، ولكن ليس بمثل هذا العذاب الشديد (١).
«فاقرة» : من مادة (فقرة) على وزن (ضربة) وجمعها (فقار) وتعني حلقات الظهر ، ويقال للحادثة الثقيلة التي تكسر حلقات الظهر «فاقرة» ، «والفقير» قيل له ذلك لهذا الوجه ، أي أنّه مكسور الظهر (٢).
على كل حال فإنّ هذا التعبير كناية للعقوبات الثقيلة والتي تنتظر هذه الجماعة في جهنّم ، إنّهم ينتظرون عذابا قاصما ، والحال إنّ الجماعة السابقة منتظرون لرحمة الله تعالى ومستعدون للقاء المحبوب. هؤلاء لهم أسوأ العذاب.
وأولئك لهم أسمى النعم الجسمانية والمواهب واللذات الروحانية.
* * *
__________________
(١) من جملة الشواهد التي جاءوا بها لهذا الموضوع هو أنّ الظن إذا كان بمعنى العلم فيجب أن يكون (أن) بعد (تظن) مخففة من الثقيلة والحال هو (أن) مصدر بقرينة إعمالها النصب.
(٢) «فاقرة» : صفة الموصوف محذوف وتقديره (داهية فاقرة) و (تظن) فعل و (وجوه) فاعله ، وفي التقدير (أرباب الوجوه) أو (ذوات الوجوه).