وهذا يشير إلى استمرارية وديمومة منهجهم ، كما قلنا في سبب النزول فإنّ المصداق الأتم والأكمل لهذه الآيات هو أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء والحسنان عليهمالسلام ، لأنّهم وفوا بما نذروه من الصوم ثلاثة أيّام ولم يتناولوا في إفطارهم إلّا الماء في حين أنّ قلوبهم مشحونة بالخوف من الله والقيامة.
«مستطيرا» : يراد به الاتساع والانتشار ، وهو إشارة إلى أنواع العذاب واتساعه في ذلك اليوم العظيم ، على كلّ حال فإنّهم وفوا بالنذور التي أوجبوها على أنفسهم ، وبالأحرى كانوا يحترمون الواجبات الإلهية ويسعون في أدائها ، وخوفهم من شرّ ذلك اليوم ، وآثار هذا الإيمان ظاهرة في أعمالهم بصورة كاملة.
ثمّ يتناول الصفة الثّالثة لهم فيقول : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً).
لم يكن مجرّد اطعام ، بل اطعام مقرون بالإيثار العظيم عند الحاجة الماسّة للغذاء ، ومن جهة أخرى فهو إطعام في دائرة واسعة حيث يشمل أصناف المحتاجين من المسكين واليتيم والأسير ، ولهذا كانت رحمتهم عامّة وخدمتهم واسعة.
الضمير في (على حبه) يعود إلى (الطعام) أي أنّهم أعطوا الطعام مع احتياجهم له ، وهذا شبيه ما ورد في الآية من سورة آل عمران : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).
وقيل : إنّ الضمير المذكور يعود إلى «الله» الوارد في ما سبق من الآيات ، أي أنّهم يطعمون الطعام لحبّهم الشديد لله تعالى ، ولكن مع الالتفات الى ما يأتي في الآية الآتية يكون المعنى الأوّل أوجه.
ومعنى «المسكين» و «اليتيم» و «الأسير» واضح ، إلّا أنّ هناك أقوالا متعددة فيما يراد بالأسير؟ قال كثيرون : إنّ المراد الأسرى من الكفّار والمشركين الذين يؤتى بهم إلى منطقة الحكومة الاسلامية في المدينة ، وقيل : المملوك الذي يكون